عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال: {ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر لكم، ويل لأقماع القول، ويلللمصرين اللذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون}.
الشخصية المسلمة والشخصية الإيجابية وجهان لعملة واحدة، وما زال المسلمون قديماًوحديثاً يقولون: ( الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ) فالشخصية المتدينة لا تنفصل أبداًعن الإيجابية، بمعني أنه لا يمكن أن يكون الإنسان متعبِّداً وفي الوقت نفسه مُخلاًبحياته العملية الطيبة، هذا لا يكون أبداً... إن الشخصية السوية لا تنفصم إلى واقععقدي تعبدي وواقع عملي مغاير، والترابط واضح جدا في اثنتين وثمانين آية من كتابالله حيث يقول الله سبحانه وتعالى: الَذِينَ آمَنُوا وعَمِلُواالصَّالِحَاتِآمن وعمل صالحاً هذا شرط أساسي، العمل هو برهان الإيمان وهذا العمل الذيهو برهان الإيمان يجب أن يكون صالحاً.
قال المناوي: ( {ارحموا ترحموا}لأنالرحمة من صفات الحق التي شمل بها عباده فلذا كانت أعلاماً اتصف بها البشر فندبإليها الشارع في كل شيء حتى في قتال الكفار والذبح وإقامة الحجج وغير ذلك{واغفروا يغفر لكم}لأنه سبحانه وتعالى يحبأسمائه وصفاته التي منها الرحمة والعفو ويحب من خلقه من تخلق بها{ويل لأقماع القول}أي شدة هلكة لمن لا يعيأوامر الشرع ولم يتأدب بآدابه، والأقماع الإناء الذي يجعل في رأس الظرف ليملأبالمائع، شبه استماع الذين يستمعون القول ولا يعونه ولا يعملون به بالأقماع التي لاتعي شيئاً مما يفرغ فيها فكأنه يمر عليها مجتازاً كما يمر الشراب في القمع{ويل للمصرين}على الذنوب أي العازمين علىالمداومة عليها{الذين يصرون على ما فعلوا}يقيمون عليها فلم يتوبوا ولم يستغفروا ( وهم يعلمون ) حال أي يصرونفي حال علمهم بأن ما فعلوه معصية أو يعلمون بأن الإصرار أعظم من الذنب أو يعلمونبأنه يعاقب على الذنب ).
وقوله: {ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر لكم}نظير قوله تعالى: وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْوَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَاللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[النور:22] قال عبدالله بنالمبارك: ( هذه أرجى آية في كتاب الله تعالى ). وفيها دليل على أن العفو والصفح عنالمسيء المسلم من موجبات غفران الذنوب والجزاء من جنس العمل.
أما قوله: { ويل لأقماع القول } فيسوقنا لتعريف علماء النفس للشخصية الضعيفة بأنها: الشخصية التي تستمر في النمو والتطور، فصاحب العقلية المتحجرة.. ضعيف الشخصية، ومن لا يستفيد من وقته وصحته وإمكانياته.. ضعيف الشخصية، ومن لا يعدل من سلوكه ويقلع عن أخطائه.. ضعيف الشخصية، وقوة الشخصية تعني أيضا القدرة على الاختيار السليم، والتمييز بين الخير والشر، والصواب والخطأ، وإدراك الواقع الحاضر، وتوقع المستقبل... فالنمو والتطوير شرطان أساسيان لكي تكون شخصيتك قوية ومثمرة في نفس الوقت