الاجتهاد في اللغة: مشتق من مادة: (ج هـ د) بمعنى: بذل الجهد (بضم الجيم) في لغة أهل الحجاز و (بفتح الجيم) في لغة غيرهم : الوسع والطاقة .
وقيل المضموم الطاقة ، وبالفتح فقط : النهاية والغاية .
فالاجتهاد في اللغة: استفراغ الوسع في أي فعل كان، ولا يستعمل إلا فيما فيه كلفة، وجهد، فيقال: اجتهد في حمل حجر الرحا، ولا يقال: اجتهد في حمل خردلة.
وأما في اصطلاح الأصوليين، فقد عبروا عنه بعبارات متفاوتة، لعل أقربها ما نقله الإمام الشوكاني في كتابه "إرشاد الفحول" في تعريفه بقوله: "بذل الوسع في نيل حكم شرعي عملي بطريق الاستنباط".[
وبعض الأصوليين لم يكتف بكلمة "بذل الوسع" وجعل بدلها كلمة "استفراغ الوسع" بل زاد الإمام الآمدي على ذلك فقال في تعريفه: "هو استفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية على وجه يحس من النفس العجز عن المزيد عليه" فجعل الإحساس بالعجز عن المزيد جزءا من الحد والتعريف، أما الإمام الغزالي فجعل ذلك جزءا من تعريف "الاجتهاد التام".
قال الشوكاني في شرح التعريف:
أ. فقولنا: بذل الوسع: يخرج ما يحصل مع التقصير، فإن معنى بذل الوسع، أن يحس من نفسه العجز عن مزيد طلب.
ب. ويخرج بـ "الشرعي" اللغوي والعقلي والحسي، فلا يسمى من بذل وسعه في تحصيلها "مجتهدا" اصطلاحا.
ج. وكذلك بذل الوسع في تحصيل الحكم العلمي "الاعتقادي" فإنه لا يسمى اجتهادا عند الفقهاء، وإن كان يسمى اجتهادا عند المتكلمين.
ويخرج "بطريق الاستنباط" نيل الأحكام من النصوص ظاهرا، أو حفظ المسائل أو استعلامها من المفتي، أو بالكشف عنها في كتب العلم، فإن ذلك ـ وإن كان يصدق عليه الاجتهاد اللغوي ـ لا يصدق عليه الاجتهاد الاصطلاحي.
و قد زاد بعض الأصوليين في هذا الحد لفظ "الفقيه" فقال: بذل الفقيه الوسع..الخ
قال الشوكاني: ولا بد من ذلك، فإن بذل غير الفقيه وسعه لا يسمى اجتهادا اصطلاحا. ومن لم يذكر هذا القيد فهو ملاحظ عنده، إذ لا يستطيع نيل الحكم بطريق الاستنباط إلا الفقيه، والمراد بالفقيه هنا: المتهيئ للفقه الممارس له، وعبروا عنه بقولهم: من أتقن مبادئ الفقه بحيث يقدر على استخراجه من القول إلى الفعل، وليس المراد: من يحفظ الفروع الفقهية فقط، على ما شاع الآن، لأن بذل وسعه ليس باجتهاد اصطلاحا.المصدر منتديات بوززكري س بوزكري