"دوام الحال من المحال". هذا ما تعارف عليه الناس ودلت عليه التجارب منذ أن وعت البشرية حقيقة وجودها على هذا الكوكب العجيب.
ومع ذلك يبقى هناك، في نفس كل إنسان، حنين دائم إلى استعادة وضع ما أو مجموعة أوضاع سابقة مريحة ومحببة كان فيها هذا الإنسان منسجما مع ذاته ومع نفسه ومع محيطه قبل كل تغير طارئ، ولو تم ذلك الاسترجاع من طريق الحلم والخيال أو الفن أو الكتابة والتدوين…
ونستطيع هنا أن نضرب أمثلة عديدة من الحالات والأوضاع الفردية والجماعية قبل أن تدور عليها دوائر الأيام وتتعرض إلى الاختلال أو الفساد؛ من قبيل المرض بعد الصحة، والعجز بعد القدرة، والشدة بعد الرخاء والفشل بعد النجاح، والاختلاف بعد الاتفاق، والحرب بعد السلام وهلم جرا وعدا.
وحتى الطبيعة من حولنا وما عليها من مخلوقات وكائنات وجمادات لا تسلم من دواعي الدهر، بفعل اختلال بسيط في الهواء أو التربة أو الضغط أو الحرارة أو الرطوبة…
وإذا ما انتقلنا إلى عوالمنا الافتراضية بكل ما تعج به من أجهزة وبرامج وتطبيقات ووسائط وأدوات تحكم واستشعار…، فإنها لا تكاد تستثنى من هذه القاعدة أيضا، لكونها من صنع إنسان خلق أصلا من ضعف. ولذلك فهو محكوم على الدوام بضرورة مواصلة التعلم والتدريب وتكرار التجارب