صنعاء القديمة ويقصد بها المدينة المسورة وكان لها سبعة أبواب لم يبق منها إلا باب اليمن
وهي أحدى تلك المدن القديمة المأهولة باستمرار من القرن الخامس ق.م على
الأقل ويتواجد بها 103 مساجد وستة آلاف منزل وإحدى عشر حمام عمومي وكل هذه
المباني بنيت قبل القرن الحادي عشر الميلادي
[1] في القرن الأول للميلاد، أصبحت عاصمة مؤقتة لمملكة سبأ بعد استعادة أسر من قبيلة همدان للعرش السبئي من الحميريين وجاء ذكرها في نصوص المسند بصيغة
صنعو وهي مشتقة من " مصنعة " وتعني حصن في العربية الجنوبية القديمة
[2][3]تتميز مدينة صنعاء
القديمة بطراز معمارها القديم الذي يمتلك زخارف غنية توجد بأشكال ونسب
مختلفة مثل كتل النوب والأسوار والمساجد والسماسر والحمامات والأسواق
والمعاصر والمدارس إلا أنه لا يعرف متى تم بناء هذا الطراز المعماري
المتأثر بالطراز الحميري.
التوجيةتبعا للموقع الجغرافي والفلكي وجد المعمار اليمني ان الواجهة الجنوبية
للمنزل ( العدنية كما يسميها سكان المدينة ) اكثر عرضة للشمس طوال النهار
مما يجعلها اكثر دفئاً في فصل الشتاء القارس البرودة في صنعاء ، بينما تكون الواجهة الشمالية اثناء ذلك غارقة في الظلال وبالتالي أكثر برودة في الشتاء .
[4]أما في الصيف واثناء رحلة الشمس نحو الشمال وعودتها نحو الجنوب فتكون
الواجهة الشمالية اكثر عرضة للشمس بينما الجنوبية مظظلة مما يجعلها معتدلة
الحرارة . ولذلك تركزت في الواجهة الجنوبية الوحدات السكنية وخصصت الشمالية
لدورات المياة والمطابخ .
[5]أستخدم المعماري مواد بنائية من طبيعتها اكتساب وخزن الحرارة نهاراً
وبطء فقدانها ليلاً بحيث يمكنها من تدفئة المنزل طوال الليل . دفعت الأمطار
الموسمية الصيفية الغزيرة الى استخدام مواد بنائية تقاوم التفتت والتحلل
والتجريف وكذلك تغطية سطوح المنازل بمادة القضاض
[ملاحظة 1] والجص لكي يسهل من عملية تصريف المياة من السطوح عبر مزاريب الى خارج المنزل .
الحفاظ على المدينةصمدت صنعاء
قروناً طويلة في وجه الحروب والحصار والكوارث، وبقيت معلماً حياً وشاهداً
على حضارة عربية إسلامية أصيلة ذات مستوى فني رفيع مزج بين الفن والجمال
المعماري مستجيبة في الوقت نفسه لحاجات سكانها المادية والروحية، وحتى
العصر الحديث بقيت صنعاء تحافظ على إيقاع مريح في التزاوج بين نسيجها المعماري
في حالته التقليدية ومتطلبات الحياة العصرية ولأن مدينة صنعاء القديمة
كانت تمثل استمراراً هاماً للقيم الثقافية والتاريخية ورمزاً لبقائها حية
كعاصمة تاريخية لليمن الحديث، فقد صدرت قرارات عديدة تهدف إلى حمايتها من
الانهيار .
وكان منها القرار الصادر في عام 1984
بإنشاء لجنة للحفاظ على مدينة صنعاء القديمة وتحسينها، وكان من أهم مهامها
العمل على وقف مظاهر التدهور والانهيارات واستعادة حيويتها وجمالها, ثم
تطورت اللجنة إلى هيئة عامة للحفاظ على مدينة صنعاء القديمة, ثم إلى هيئة
عامة للحفاظ على المدن التاريخية
تبنت المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم ( اليونسكو
) حملة دولية لحماية وتحسين مدينة صنعاء القديمة والحفاظ على معالمها
وطابعها المعماري الفريد وتطوير الخدمات وإبراز التراث الحضاري فيها، فقد
أتخذ المؤتمر العام لليونسكو في دورته المنعقدة في بلجراد عام 1980
قراراً يشمل قيام حملة دولية لصيانة مدينة صنعاء القديمة، وقد شارك في
تمويل الحملة عدد من الدول ، وكان من أهداف الحملة، حماية المدينة والقيام
بدراسات عميقة لتراث المدينة وتقاليدها وإعادة المباني الرئيسية فيها، فقد
تم ترميم أجزاء من السور المحيط بالمدينة الذي تعرض للانهيار، وترميم عدد
من المنازل الآيلة للسقوط، واستكمال عمليات الصرف الصحي
وترميم السايلة وغيرها، إضافة إلى تنظيم عدد كبير من الندوات العلمية قدمت
فيها دراسات وأبحاث علمية متخصصة لعدد كبير من الباحثين والمتخصصين
المحليين والدوليين والتي انتهت بالخروج بتوصيات تهدف إلى دعم الحملة
الدولية وإنجاح صيانة المدينة .
المساجدهي من أهم معالم المدينة بمآذنها الشاهقة وقبابها البيضاء الناصعة ،وحيث
يوجد في مدينة صنعاء العديد من المساجد ويقال أن عددها حوالي (50) مسجداً
ومنها : جامع البكيرية، جامع الطاووس، جامع الزمر ،جامع الأبهر، جامع صلاح الدين، جامع قبة المهدي. وأشهرها الجامع الكبير بصنعاء
وهو من أقدم المساجد الإسلامية وهو أول مسجد بني في اليمن ويعتبر من
المساجد العتيقة التي بنيت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الأسواق الشعبيةيعتبر سوق مدينة صنعاء القديمة من أسواق العرب القديمة وكان يقام في
النصف من رمضان ونظراً لازدهار التجارة والتبادل التجاري النشط المتنوع
تنوعت أسواق صنعاء لكونها مركزاً لما حولها من القرى والمدن اليمنية وتنوعت
بحسب السلع والبضائع والصناعات الموجودة، وكانت في الماضي حوالي (45)
سوقاً إلا أنه لم يعد منها إلا حوالي (20) سوقاً منها : (سوق العنب، سوق
الحب، سوق الملح، سوق المعطارة، سوق الفتلة، سوق الملخص (الفضة)، سوق البز
(القماش)، سوق الحلقة، سوق الجنابي، سوق النحاس، سوق القات، سوق الختم
(المصاحف)، سوق النظارة)
سور صنعاء القديمةباب اليمن، عمره 1000 سنة
خريطة صنعاء رفعت للوالي العثماني مصطفى عاصم باشاونقلت طبق الأصل بوزارة الاشغال العامة في الجمهورية العربية اليمنية في 15 مايو 1968
المراحل التاريخية للسور :- يمكن أن نؤرخ للسور وفقاً للمراحل
المختلفة التي مر بها بنائه وذلك لما تقتضيه احتياجات التوسع وازدهار
النشاط الاقتصادي والزيادات السكانية، كذلك أعمال الترميم والإصلاحات التي
تمت كنتيجة للأضرار التي لحقت بالسور بسبب التقادم والعوامل الطبيعية
والمناخية , أوبسبب التدمير والعبث الذي يقوم به الإنسان لعوامل عدة , منها
ما يتصل بالجهل والتخلف مما يجعل البعض يقوم بتخريب أجزاء من السور , أو
البناء في موقع السور، ومنها ما يتصل بأعمال الحروب والغارات على المدينة
وسورها إبان فترات الصراع السياسي الطويل الأمد للسيطرة على مدينة صنعاء ,
نظراً لأهميتها من حيث موقعها ودورها التاريخي، ويمكن ذكر مراحل بناء السور
القديم والإضافات التي تمت، وأعمال الصيانة والترميم وفقاً لما تورده
المصادر والمراجع التاريخية ومن المؤكد أن هنالك أعمال بناء لأجزاء من
السور أو ترميمات لم يرد ذكرها وذلك كما يلي :
- السور القديم بأبوابه الأربعة المعروفة وقد بناه الملك السبئي " شعرم أوتر " في أواخر ( القرن الثاني الميلادي )، بداية ( القرن الثالث الميلادي ) .
- المراجع التاريخية تشير إلى أن أول من قام بترميم سور صنعاء القديم وإعادة بناء أجزاء منه بالحجر والجص هو الملك " علي بن محمد الصليحي "، وفتح فيه ( سبعة أبواب ) وكان ذلك في ( القرن 6هـ / 12م ) .
في عهد الدولة الأيوبية :- عند معرفة وسماع السلطان " علي بن حاتم الهمداني " ( أحد حكام دولة بني حاتم) بقدوم " توران شاه الأيوبي " إلى صنعاء في سنة ( 570هـ/1174م ) قام بهدم السور وتكسير خنادقه، وفقاً لرواية المؤرخ " الحسن بن علي الخزرجي " التي أوردها فـي كتابه ( العسجد المسبوك لمن ولي اليمن من الملوك )، وذلك بهدف جعل الأيوبيين مكشوفين عند دخولهم المدينة مما يمكن " بني حاتم" من شن غارات سريعة وخاطفة بما يشبه حرب العصابات وقد قام السلطان " طغتكين الأيوبي " بإعادة بناء السور في أواخر ( القرن 6هـ / 12م )، كما تم التوسع في العصر الأيوبي حيث امتدت باتجاه الغرب فيما عُرف ببستان السلطان فقد قام السلطان " طغتكين الأيوبي
" بتسوير الجزء المستحدث ووصله بسور المدينة القديمـة، بحيث أصبحت السائلة
محصورة بين السورين، ويبلغ عرض السائلة حوالي ( 30 متراً ) وقد تم توصيل
جزئي المدينة بواسطة جسور فوق السائلة, وذلك لتسني مرور الناس وأمتعتهم
خاصة في الفترات التي تكون السائلة مليئة بمياه الأمطار .
في عهد العثمانيين: تم استحداث حي بئر العزب وتسويره، كما قاموا
بعمل سور يضم منطقتي " بئر العزب " و " قاع اليهود " ـ عندما دخل حي القاع
ضمن منطقة بئر العزب وكان هذا السور مبنياً من الطين والحجارة وفتحت فية العديد من الأبواب، وفي حوالي عام ( 1036هـ /1626م ) قام الوالي العثماني " محمد باشـا " بترميم سور مدينة صنعاء القديمة وإعادته على ما كان عليه، كما قام العثمانيون بترميم باب البلقة وإعادة بناؤه ما بين ( 1871 – 1879 ميلادية ) وفي الفترة ما بين ( 1875 – 1880 ميلادية ) قاموا كذلك بترميم باب اليمن .
ويبلغ طول السور ( السور القديم + سور حي بئر العزب ) حوالي ( 5 أميال ) وفقاً لتقديرات أوردها المؤرخ " محمد بن أحمد الحجري " في كتابه مجموع بلدان اليمن وقبائلها ، وقد بُني السور بكتل من الطين والحصى والتي تُعرف محلياً ـ بالزابور ـ وللسور أبراج مدورة يبلغ عددها حوالي ( 128 برجاً )، يبعد كل برج عن الآخر مسافة قدرها ( 50 متراً ) .
أبواب صنعاء القديمةمشهد الشارع ليلا في صنعاء القديمة
منظر لصنعاء القديمة
لصنعاء المدينة التاريخية سور منيع محيط بها من جميع الجهات الأربع وللسور القديم أربعة أبواب رئيسية هي على النحو التالي :
- باب اليمن : وهو باب ينفذ إلى الجهة الجهة الجنوبية، وقد عُرف باب
اليمن بأسماء أخرى لم تكتسب شهرة التسمية الأصلية مثل (باب عدن)، (باب
غمدان)، (باب الحرية) والأخير عقب قيام الثورة اليمنية.
- باب شعوب : وهو باب ينفذ إلى حي شعوب في الجهة الشمالية.
- باب ستران : وهو باب يؤدي وينفذ إلى الجهة الشرقية باتجاه القلعة وجبل نقم وعُرف باسم آخر هو (باب القصر).
- باب السبحة : وهو باب ينفذ إلى الجهة الغربية باتجاه الحقل وحي بئر العزب، وسمى ـ أيضاً ـ (باب السبح).
أما الأبواب الأخرى غير الرئيسية فهي :
- باب خزيمة: وهو باب باتجاه الجنوب يؤدي إلى مقبرة خزيمة، وهو تابع للسور الخاص بحي بئر العزب.
- باب الشقاديف: وهو باب باتجاه الشمال ويعُرف ـ أيضاً ـ باسم (باب الحديد) ويتبع هذا الباب السور الخاص بحي بئر العزب.
- باب البلقة: وهو باب باتجاه الجنوب وهو أصلاً جزء من السور الخاص بمنطقة قاع اليهود.
- باب الروم: وهو باب باتجاه الشمال الغربي يتبع السور الخاص بحي بئر العزب.
- باب القاع: وهو الباب الآخر للسور الخاص بمنطقة قاع اليهود.
نتيجة لأعمال التخريب والتدمير وتحت مبرر متطلبات التطوير والتنمية
الحديثة المعاصرة تم تدمير أجزاء من سور مدينة صنعاء القديمة وأبوابه تحت
مبررات عديدة منها بهدف دخول السيارات إلى مدينة صنعاء القديمة - ولم يبق
بحالة جيدة إلا الجزء الممتد من حي السائلة بجانب الخندق الجنوبي بالقرب من
باب اليمن، وكذلك جزء آخر في الجهة الشمالية أمام حارة الحرقان، وقد تم
ترميم بعض الأجزاء المتبقية من السور المحيط بصنعاء القديمة.