من هم الطوارق؟
الطوارق هم قبائل من أصول أمازيغية ولغتهم الرئيسية هي الأمازيغية، وبذلك فإنهم ينتمون إلى مجال لغوي يمتد من المغرب إلى مصر، ومن تونس والجزائر شمالا إلى النيجر وتشاد وبوركينا فاسو.
يغلب الظن أن تسمية الطوارق مشتقة من اللغة العربية وإن يوجد تضارب حول معناها
ويعرف الطوارق أصول تسميتهم على أساس أنها مشتقة من كلمة "كل تماشق" ومعناها "كل من يتحدث لغة الطوارق".
يتوزع الطوارق على مناطق شاسعة بين دول المغرب العربي وأفريقيا ويتفاوت تواجدهم الديمغرافي بحسب توزعهم في هذه الدول حيث أنهم يتمركزون أكثر في النيجر ومالي ويبقى وجودهم في تشاد والنيجر منحصرا على بعض الأقليات.
لا توجد معطيات دقيقة عن عدد الطوارق إلا أن الأرقام غير الرسمية المتوفرة تتحدث عن أن عدد الطوارق يناهز 3.5 مليون شخص،85 بالمئة منهم في مالي والنيجر في حين يتوزع 15 بالمئة منهم في دول شمال أفريقيا لا سيما في الجزائر وليبيا.
يمكن تحديد أماكن وجود الطوارق في أربع مناطق رئيسية تمتد من الجنوب الليبي وبالتحديد منطقة فزان إلى منطقة الهوقار في الجزائر، وفي منطقة أزواد وأدغاغ في مالي، إلى منطقة أيير في النيجر. وتتميز هذه المناطق بكونها الأكثر جفافا والأقل في عدد السكان. ويتميز الطوارق بمعرفتهم الجيدة بمسالك هذه المناطق الطبيعية الصعبة وأماكن وجود الماء بفضل إتقانهم لطريقة الاهتداء بالنجوم.
ويقترب أسلوب عيش الطوارق من البدو العرب من حيث تقاليدهم وعاداتهم ويمكن اعتبارهم شعبا مهجنا بحكم اختلاط أعراقهم بين العرب في الشمال والأفارقة في الجنوب.
يدين الطوارق بالإسلام، ويتبعون المذهب السني المالكي ويعتقد أن الطوارق اعتنقوا الإسلام في القرن السادس عشر.
وتعرّفهم الكتابات الأوروبية بكونهم "الرجال الزرق" نظرا لغلبة القماش الأزرق على أزيائهم.
وتطوف قبائل الطوارق منطقة الصحراء الكبرى حيث يتاجرون في التمور والعطور والتوابل.
الطوارق وبداية المطالب السياسية
قاوم الطوارق بشراسة الاحتلال الفرنسي لعدة دول أفريقية منذ نهاية القرن 19 وعرقلوا تقدم القوات الفرنسية في دول أفريقيا السوداء وقتل الفرنسيون رئيسهم الأمنوكال فهرون في 1916.
ومنذ استقلال الدول الأفريقية من الاحتلال الفرنسي غلب التوتر على علاقة الطوارق بحكومات الدول التي يتواجدون فيها، غير أن أول تحرك سياسي فعلي للطوارق يعود إلى 1963 حيث أعلنوا عن مطالبهم السياسية في مالي وطالبوا بحق امتلاك الأراضي والحفاظ على خصوصياتهم الثقافية واللغوية غير أن حكومة الرئيس موبودو كايتا قمعت هذه الحركة وزجت برموزها في السجون. ومع استقلال الدول الأفريقية والعربية من الاحتلال الفرنسي وجد الطوارق أنفسهم في وضعية حرجة خاصة أن صفوفهم لا تضم العدد الكبير من الحاصلين على شهادات عليا تمكنهم من المطالبة بمناصب سياسية وإدارية في الدول التي يتواجدون فيها، وزاد من عزلتهم وجودهم في مناطق صحراوية، قليلة الكثافة السكانية وبعيدة عن العواصم التي تعتبر مركز القرارات. وهو ما جعلهم من المنسيين في هذه الدول لذلك طالبوا برفع التهميش والمظالم.
الطوارق وتفجير الأوضاع في النيجر ثم مالي
بعد فترة هادئة نسبيا امتدت حوالي عقدين عاد التوتر مع مطلع التسعينيات حيث أعلن الطوارق عن حركة تمرد جديدة قامت حكومة سومانا ساكو ثم حكومة يانوسا تورا بقمعها من جديد.
إلا أن الطوارق في النيجر هم من بدأوا حراكهم المسلح ضد الحكومات باستهداف الشركات الأجنبية والعاملين فيها، وأنشأوا حركة مسلحة أطلقوا عليها تسمية "حركة النيجر من أجل العدالة"، واعتبر الطوارق في النيجر أن الحكومات المتعاقبة في النيجر لن تمكنهم من الاستفادة من عائدات صناعة اليورانيوم المزدهرة في هذا البلد فضلا عن أن الصناعات التعدينية أضرت بأراضيهم الخصبة.
وصعدت "حركة النيجر من أجل العدالة" من عملياتها ضد الجيش النيجري مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى في صفوفه وتسجيل أضرار كبيرة في عدد من المنشآت الحكومية التي هاجموها.
وما لبث أن انتقل التوتر إلى مالي المجاورة حيث بدأ الطوارق عمليات اختطاف جنود في المناطق النائية من شمال البلاد، حيث أسس الطوارق في 2010 الحركة الوطنية لتحرير أزواد والتي تطالب بحق الطوارق بتقرير المصير.
وكثفت هذه الحركة المسلحة من هجماتها ضد الحكومة المالية التي تحاول قمعها بالقوة العسكرية الجوية، إلا أن الحركة استفادت من انشقاق عدد من الطوارق من الجيش المالي، وعودة المقاتلين المدججين بالأسلحة والمدربين على القتال من ليبيا حيث قاتلوا في صفوف العقيد الليبي الراحل معمر القذافي خلال الحرب الليبية. وقد مكنهم ذلك من السيطرة على عدة مدن في الشمال وقرب الحدود مع الجزائر وقتل واحتجاز عدد كبير من الجنود النظاميين، مما دفع بالعديد من قيادات الجيش إلى التخوف على وحدة البلاد في ظل تصاعد قوة الطوارق المسلحة ومن طريقة تعامل الحكومة المركزية معهم خاصة في ظل معاناة الجيش الحكومي من نقص في السلاح والتجهيز والعتاد.
وفي 22 مارس/ آذار الماضي قام القائد العسكري المالي أمادو سونوغو بانقلاب عسكري أسقط نظام الرئيس أمادو توماني وحل على أثره جميع مؤسسات الدولة وعلق العمل بالدستور. وصرح أمادو كوناري المتحدث بإسم المجموعة العسكرية التي قامت بالانقلاب بأنها أطاحت بنظام توماني بعد عجزه عن "إدارة الأزمة في شمال البلاد" .
ويوجه بعض المحللين السياسيين أصابع الاتهام إلى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" لوقوفه وراء تحرك الطوارق العسكري، حيث أكدت الحكومة المالية خلال تحقيق أجرته في فبراير/ شباط الماضي بعد العثور على جثث العشرات من الجنود النظاميين إثر هجوم شنه متمردون من الطوارق في كانون الثاني/ يناير على بلدة اغلهوك، أن عمليات القتل تحمل بصمات "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب"، خاصة أن عددا كبيرا من المقاتلين كانوا ملتحين، وأن عمليات خطف رهائن أوروبيين كانت غالبا ما تنتهي بتهريب الرهائن إلى مالي.