وكأنه وجه مسخ برز من فوهة أحد براكين الجحيم
رمقت بعينيها المحمرتين رغم ذبولهما تلك الحسناء التي أدُخلت عليها
لفت مبسم الارجيلة بكفها المتعرق وبصوتها الابح الخافت سألتها
أي أقدار رمتكِ علينا ومن اي جهة قدمتي ؟
أستجمعت الحسناء شجاعتها وقالت بصوت خنقته العبرة والخوف والضياع
أسمي عفاف وعمري ثمانية عشر ربيعا و ... قاطعتها ضحكة مستهترة صدحت بها حناجر مجموعة من الفتيات كانت تشاطرهم الردهة
لم تشعر بوجودهن بادئ الامر فوجه المسخ .. حركاتها .. تجاعيدها المخيفة أفقدها التركيز
أصدرت العجوز سعالا اشبه بزمجرة مفترس وهي تشير لها بالسكوت
ثم قالت لها لم يسألكِ احد عن اسمكِ او عمركِ فهنا ليس للاسماء اهمية والعمر لايقاس بالسنون
فأنا مثلا عمري الظاهر ستون عاما بينما عمري الحقيقي في بداية الاربعينات
فغرت الحسناء فاها وعيناها الجميلتان مسمرتان على تلك التجاعيد والخطوط والتضاريس التي طمست معالم وجه العجوز
وأخذتها الافكار نحو مستقبل مظلم لاملامح له كوجه العجوز وضحكات الساقطات
وقبلها تذكرت تلك اللحظة التي حولت مجرى حياتها الى الابد
لحظة انجرافها وراء عشقها البريئ وثقتها اللامحدودة وصدقها الطفولي
وارتضت ان تقابل حبيبها في غفلة عن الناس وعن الضمير وعن الرجولة
لم تعرف الكذب قط لذا هرولت الى ابيها واخبرته بغلطتها البشعة
تمزق قلب الاب وتشظى قطع صغيرة وتشتت فكره لجوانب شتى
من جهة هو مغرم بحسنائه الصغيرة
ومن جهة اخرى هو مثقل تحت وطأة الاعراف والتقاليد
ومن جهة هو متألم لوخز خنجر الخيانة الذي انتهك شرفه
في فجر اليوم التالي ايقظ ابنته من نومها واخبرها بأن تتبعه بلا متاع ولا حتى افطار
توجها نحو الحدود وهناك
ودعها قائلا اذهبي بنيتي وواجهي قدركِ ومستقبلكش المجهول فأنتِ من جنيتي علينا جميعا
تلقفتها يد سائق متمرس فور عبورها الحدود وتوجه بها فورا نحو دار تلك العجوز ليأخذ مكافئته ويمضي باحثا
عن صيد اخر
في نفس الوقت كانت العجوز تتفرس بوجه الحسناء وفكرها يجول بعيدا في ثنايا ذاكرتها المعتقة
وتذكرت اولى خطواتها هنا وكم كانت تشبه خطوات تلك الحسناء وبداياتها
ثم بحركة خاطفة هزت رأسها لتبعد تلك الذكريات الاليمة
وصرخت بالحسناء .. انسي اسمكِ هذا فلا عفاف تضمه جدران هذه الد