أول لقاء بينهما كان عبر الأثير حيث تبادلا أطراف الحديث لزمن يسير..هيَ إنشغلت بِقراءة ما يكتب بشغف كبير..وهو تفنَّن بالسؤال عن حالها العسير..
توالت المناجات عبرَ الأثير وتعمّقت العلاقة بينهمَا..وأصبَحت 'شروق' لا تقوَى علَى غروب شمس يوم جديد دون الحديث إلَى الأمير..
وفجأة إختفَى الأمير..ولم يعد يناجيها كما كان يفعل كل يوم عبر الأثير..
فات شهر..وتلاه آخر..وآخر.....إلَى أن يسئت من رجوعه..فتنازَلت وأرسلَت له رسالة تسأله فيها عن حاله وعن سَبَب عدم الحديث إليها كما كان يَفعل سابقا..
قرأ الرسالة..ولكنّه لم يجبها بشيء البتة..
لم تَستسلِم شروق.. وبعثَت له بِرسالة أخرَى..
وكرّة أخرَى قرأ الرسالة، ولكنّ جبنَه جعله يهاب الرّد عَلَى تساؤلاتها البريئة..
أقسَمت'شروق' أن تجتثّ حبّه من فؤادها وأن لا تسامحه أبدا علَى فعله..
فانْتَبهت لدراستها..ونجحت بِتفوق..ولكنّها كانت دائما تشعر بنقص في داخلها..
وَبَيْنَما كانت شروق تبحر في رواية ''عصر الحب '' لـ (نجيب محفوظ) رنّ هاتفها..فلم تَكتَرث له ظنّا منها أنها مكالمة من إحدَى صديقاتها تدعوها للخروج..
رنّ المحمول من جديد..ألقت بالرواية علَى سريرها وهبت من مكانها تبحث عن هاتفها المفقود بين محتويات حقيبة يدها..
أخذت الجوال..وردّت..
- ألوو...
ردّ صوت رجالي:
- شروق..!
ردّت بذهول:
- من أنت ومن تكون؟!
فأجابها:
- هل نسيتي صوتي بهذه السرعة!!
أجابت والدهشة تعتري ملامحها :
- هل أنتَ ...!
أجاب وهو يَبتسم:
- أجل أنا هو...!
ردت عليه بلا مبالاة:
- وماذا تريد منّي؟!
أجاب:
- أريدكِ أنتِ..
شروق: وأين كنتَ كلّ هذه المدّة ليحن قلبك وَتَتذكّرني الآن!؟
صمتَ طويلا قبل أن يجيبها: كنت مريضا.
شروق: قلتَ أنَّك كنت مريضا لا .. ولكن ما الذي جعلك لا تردّ علَى رسائلي؟
أجاب: قلت لك كنت مريضا وبحالة سيئة.
شروق: لا أصدقك
هو: صدقيني أرجوكِ حبيبتي.
شروق: لا تقل حبيبَتي أنا لست حبيبة أحد..واستطردَت: والآن أنا مشغولة ومضطرة لفصل الخط.
قاطعها قائلا: أودّ الإرتباط بكِ.
أجابت: ماذا قلت؟ الإرتباط بي!!
فقال: نعم ..أود خطبتك الشهر القادم.
ضحكت بسخرية وقالت: أنا لن أتزوج بحرباء!!
لم يفهم قصدها وأصرّ علَى طلبه..فأخبرته أنّها بحاجة إلَى مهلة للتّفكير..
وافق علَى ذلك وطلب منها أن لا تَتأخر عليه كثيرا..
'شروق' لم تُصدق أنه إتصل بها وأنه لا يزال يُفكر فيها ..لكن شيء غريب بداخلها كان يقف حاجزا بينها وبين التفكير فيه..
مضَى أسبوع من الزمن وعاود الإتصال بها وسؤالها ذات السؤال..فوافقت..وحضرت عائلته لخطبتها ..شروق لم تظهر من غرفتها ظلت مرابطة فيها إلَى أن غادر الزوار..
إتفقوا علَى أن يوم الزفاف هو ذاته يوم عقد القران..
تجملت العروس وارتدت أجمل فستان وأحلَى طرحة..وعقدت قرانها علَى شاب يقربها سنا..
وصلاَ العروسان علَى بيتِ الزوجية..وكانت فرحة العريس لا توصف خصوصا وأنّه تزوج بمن يعشقها قلبه 'شروق'..
وبينما كانت العروس ترتعش وتَتصبّب عرقا..رفع العريس الطرحة وعندما رأَى عروسه وَقع مغشيا عليه..!
.