الفلسفة الحديثة (Modern philosophy) هي فئة من الفلسفة التي نشأت في أوروبا الغربية في القرن 17، وهي شائعة عالميًّا الآن. و هذة الفلسفة ليست عقيدة محددة أو مدرسة (وبالتالي لا ينبغي الخلط بينها وبين الحداثة)، وإن كانت هناك بعض الافتراضات المشتركة بين الكثير منها، مما يساعد على تمييزها عن الفلسفة الأولية.[1]
وقد حُدّد القرن الـ 17 وبداية القرن الـ 20 تقريبًا كبداية ونهاية الفلسفة الحديثة.أما ما ينبغي ادراجة ضمن عصر النهضة (Renaissance) من ايٍ من تلك الفلسفة فهذا الموضوع محل نزاع ؛ وبالمثل قد تكون هذة الفلسفة انتهت أو لم تنتهِ في القرن العشرين وحل محلها ما بعد الحداثة (postmodernity). كيف يمكن للمرء أن يقرر أن هذه الأسئلة سوف تحدد نطاق استخدام الفرد لـ"الفلسفة الحديثة." ومع ذلك فإن التقليد هو أن تشير إلى فلسفة عصر النهضة قبل رينيه ديكارت (René Descartes) بانها "الفلسفة الحديثة المبكرة" (تُترك مفتوحة سواء سيضعها ذلك داخل أو خارج الحدود) والإشارة إلى فلسفة القرن 20 (20th-century philosophy)، أو في بعض الأحيان الفلسفة فقط منذ فيتغنشتاين (Wittgenstein)، كـ"الفلسفة المعاصرة (contemporary philosophy)" (مرة أخرى تُترك مفتوحة سواء كانت لا تزال حديثة أو لا). سوف يركز هذا المقال على تاريخ الفلسفة بداية من ديكارت خلال القرن العشرين ونهاية في لودفيش فيتغنشتاين (Ludwig Wittgenstein).
تنقسم الشخصيات الرئيسية تقريبًا في فلسفة العقل (philosophy of mind), نظرية المعرفة (epistemology), والميتافيزيقيا (metaphysics) خلال القرن السابع عشر والثامن عشر إلى مجموعتين رئيسيتين. تجادل "العقلانيون (Rationalists)," معظمهم في فرنسا وألمانيا، أن جميع المعارف يجب أن تبدأ من "الأفكار الفطرية" المحددة في العقل. العقلانيون الرئيسيون هم ديكارت (Descartes) وباروخ سبينوزا (Baruch Spinoza) وغوتفريد لايبنتز (Gottfried Leibniz) ونيكولا مالبرانش (Nicolas Malebranche). وعلى النقيض، رأى "التجريبيون أن المعرفة يجب أن تبدأ مع التجربة الحسية. الشخصيات الرئيسية في هذا الصدد هم جون لوك (John Locke), جورج بيركلي (George Berkeley), وديفيد هيوم (David Hume) (هؤلاء هم الفئات الرجعية، والمسؤول عنهم إلى حدٍّ كبيرٍ هو كانت (Kant)؛ ولكنهم دقيقون بما فيه الكفاية.)[بحاجة لمصدر] وعادةً لا يندرج علم الأخلاق والفلسفة السياسية تحت هذه الفئات، على الرغم من أن كل هؤلاء الفلاسفة عملوا في علم الأخلاق (ethics)، كل منهم وفقاً لأسلوبه المميز الخاص . تتضمن بعض الشخصيات الهامة في الفلسفة السياسية (political philosophy) توماس هوبز (Thomas Hobbes) وجان جاك روسوو (Jean-Jacques Rousseau).
نص إيمانويل كانت (Immanuel Kant) في أواخر القرن الثامن عشر على نظام الفلسفية الرائدة التي ادعى أنها ستجلب الوحدة إلى العقلانية والتجريبية. وسواء كان محقًا أم لا، فإنه لم ينجح كليًّا في إنهاء النزاع الفلسفي. أثار كانت عاصفة من العمل الفلسفي في ألمانيا بأوائل القرن الثامن عشر، بدايةً من الألمانية المثالية (German idealism). كان موضوع سمات المثالية هو أنه يجب فهم العالم والعقل على حدٍّ سواء وفقًا للفئات نفسها؛ وقد بلغت الذروة في عمل جورج فيلهلم فريدريش هيغل (Georg Wilhelm Friedrich Hegel)، الذي قال من ضمن العديد من الأشياء أن "الحقيقي عقلاني، والعقلاني حقيقي."
وقد نفَّذت أعمال هيغل في العديد من الاتجاهات من خلال أتباعه والنقاد . حيث اعتمد كارل ماركس (Karl Marx) كلًّا من فلسفة التاريخ (philosophy of history) لهيغل والأخلاق التجريبية السائدة في بريطانيا، محولًا أفكار هيغل إلى شكل مادي بدقة، واضعًا الأسس لتطوير علم المجتمع. رفض سورين كيركيغارد (Søren Kierkegaard) الفلسفة المنهجية بأكلمها (systematic philosophy) باعتبارها دليلًا غير كاف في الحياة والمعنى. بالنسبة لكيركيغارد (Kierkegaard)، فالحياة يجب أن تُعاش، لا أن تكون لغزًا ليُحَل. أخذ آرثر شوبنهاور (Arthur Schopenhauer) بالمثالية إلى استنتاج أن العالم لم يكن شيئًا سوى تفاعل عديم الجدوى وغير منتهٍ من الصور والرغبات، ودعا إلى الإلحاد (atheism) والتشاؤم (pessimism). أخذ نيتشه (Nietzsche) أفكار شوبنهاور وحولها، وهو الذي استولى على رفضهم المختلف للعالم ليعلن أن "الإله ميت (God is dead)" وليرفض الفلسفة المنهجية بكاملها وكل كفاح من أجل الحقيقة الثابتة المتجاوزة للفرد. وجد نيتشه في هذا أسباب لا للتشاؤم، ولكن احتمال وجود نوع جديد من الحرية.
جاءت فلسفة القرن ال 19 البريطانية على نحوٍ متزايدٍ ليسيطر عليها خيوط فكر هيغلي جديد، وكردةِ فعل تجاه هذا، بدأت شخصيات مثل برتراند راسل (Bertrand Russell) وجورج ادوارد مور (George Edward Moore) تتحرك باتجاه الفلسفة التحليلية (analytic philosophy)، التي كانت في الأساس استكمالًا للتجريبية التقليدية لاستيعاب التطورات الجديدة في منطق عالم الرياضيات الألماني جوتلوب فريجه.