أحمد يوسف المدرك
كلية العلوم – جامعة عين شمس جمهورية مصر العربية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ،، من الموضوعات العلمية التي يجادل فيها أهل الباطل ليقولوا بأن القرآن يحمل معلومات علمية مزيفة .. هو موضوع كروية الأرض شاهدت ذات مرة فيديو لواحد من الملحدين .. يريد فيه أن يفتري الكذب على كتاب الله ,, ويدعي أنه أخرج عدة أخطاء علمية فادحة في القرآن الكريم – وحاشا لله – ولكن كما قال ربنا عز وجل: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ **التوبة32 وكان يتحدث عن موضوع كروية الأرض في القرآن الكريم ...
وفي هذا البحث القصير سنتناول الرد على هذه الشبهة ، وكشف الحجاب عن آية جديدة من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم .. فالله المستعان .. قد وصل العالم خلال العقود الماضية إلى درجة هائلة من التقدم العلمي والتكنولوجي في جميع المجالات ، ومنها مجال علوم الفلك والفضاء .. وتحول أمر " كروية الأرض" من مجرد نظريات وافتراضات إلى واقع حي مرئي .. بعد رؤية كوكب الأرض من الفضاء وتصويره .. وبعد اختراع الأقمار الصناعية والسفن الفضائية وما إلى ذلك وصار الأمر حقيقة مسلمة .. وفي القرآن الكريم .. آيات تدل على كروية الأرض كقوله تعالى:{ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ** سورة الزمر: 5 .
قال د. زغلول النجار: ((وهي آية جامعة, تحتاج في شرحها إلي مجلدات, ولذا فسوف أقتصر هنا على الإشارة إلي كروية الأرض وإلي دورانها من قبل ألف وأربعمائة سنة, في زمن ساد فيه الاعتقاد بالاستواء التام للأرض بلا أدني انحناء, وبثباتها, وتمت الإشارة إلي تلك الحقيقة الأرضية بأسلوب لا يفزع العقلية البدوية في زمن تنزل الوحي, فجاء التكوير صفة لكل من الليل والنهار, وكلاهما من الفترات الزمنية التي تعتري الأرض, فإذا تكورا كان في ذلك إشارة ضمنية رقيقة إلي كروية الأرض, وإذا تكور أحدهما على الآخر كان في ذلك إشارة إلي تبادلهما, وهي إشارة ضمنية رائعة إلي دوران الأرض حول محورها, دون أن تثير بلبلة في زمن لم تكن للمجتمعات الإنسانية بصفة عامة والمجتمعات في جزيرة العرب بصفة خاصة أي حظ من الثقافة العلمية)).
والتكوير لغة هو :إدارة الشيء أو جمعه بعضه على بعض .. أو جعله كالكرة ... كما يقال أيضا ( اكتار) الفرس إذا أدار ذنبه في عدوه وآيات أخرى تدل على دوران الأرض حول محورها مثل: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ **النمل88 ولكن هناك آيات تتشابه على بعض الضالين .. والتي يتكلم الله فيها عن انبساط الأرض وانسطاحها .. قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطاً **نوح19 وقوله أيضا: { وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا** سورة الحجر: 19 وقال أيضا: {وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ **الغاشية20 وغيرها من الآيات الكثير التي تصب في نفس المعنى .. وهذه هي الآيات التي استدل بها المبطلون ليثيروا الشبهات حول قرآننا العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . ولكي نرد عليهم .. ونعرف أنه لا تعارض بين هذي الآيات والأيات الدالة على كروية الأرض ولنتعلم المعجزة الهائلة في تلك الآية العظيمة دعنا أولا نعرف تفسيرها {وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ **الغاشية20 تأمل الإشارة التعجبية في الآية .. التي تحث الناس على التفكر والتعجب من هذه الآية من آيات الله .. إذ أنه لوكان يثبت أنها مسطحة .. لما كان من عجب أن تكون ممدودة مبسوطة !! في تفسير الآية: قال ابن كثير: أي كيف بسطت ومدت ومهدت وقال العلامة السعدي: أي مدت مدا واسعا وسهلت غاية التسهيل ليستقر العباد على ظهرها ويتمكنوا من حرثها وغراسها والبنيان فيها وسلوك طرقها . ثم عقب الشيخ قائلا: ((واعلم أن تسطيحها لا ينافي أنها كرة مستديرة قد أحاطت الأفلاك فيها من جميع جوانبها كما دل على ذلك النقل و العقل والحس والمشاهدة كما هو مذكور معروف عند كثير من الناس خصوصا في هذه الأزمنة التي وقف فيها الناس على أكثر أرجائها بما أعطاهم الله من الأسباب المقربة للبعيد ، فإن التسطيح إنما ينافي كروية الجسم الصغير جدا الذي لو سطح لم يبق له استدارة تذكر ، أما جسم الأرض الذي هو كبير جدا وواسع فيكون كرويا مسطحا ولا يتنافى الأمران كما يعرف ذلك أرباب الخبرة )) أ.هـ