الجمال
قصة طفل عشق الجمال
من أروع قصصي فى الحياة قصة عشقي وحبي للجمال ....فقد أكون اصغر عاشق
عرفة البشر ....وشعرت بالحب قبل أيا من أبناء جيلي
في طفولتي عشت الحب والعشق بكل معانية
حبوت فى حوض نعناع ....ووقعت في حضن ريحانة في حديقة منزلنا الجبلي
تطلعت للجورى وعشقته من أول نظرة بجميع ألوانه ....وكانت والدتي تنعم على ابنها الصغير
بثلاث وردات جوربة حمراء عند كل صباح ...تضعها في مزهرية غرفتي
تنفست في بيتنا عبق الورد ورائحة الأزهار .....
انبهرت بقطيع خيول في ارض جدي ...كانت ترعى في حقل جدي الجميل
أحاطه جدي بعباد الشمس .....الذي يخجل من غروب الشمس ...ويرفع رأسه حين تشرق
وأشجار السرو تبدو من بعيد وكأنها نساء حسناوات طويلات القامة
وجدت في الخيل عزوجاة ....وفى ركوب الخيل كبرياء وشموخ
كنت طفلا ابن خمسة أعوام ...اسرق عصا جدي ...واتخذ منها حصانا ...أطوف بها في حديقة منزلنا
وأتخيل خلفي غيمة من الغبار ....يشقها صهيل الطفل الفارس الذي جعل من عصا جدة حصان
وكنت وكأني أسابق الريح ....واضعا على رقبتي غطاءا ...واتخيله يرتفع بفعل الريح
من سرعة حصاني
أترجل عن حصاني متعبا ....فيسقط حصاني الخشبى على الأرض لا صهيل لها ولا غبار خلفها
انتظر المساء أتطلع الى السماء منتظر القمر ....وكان الجميع ينظر لي وأنا انظر للسماء
متكلما مع القمر معاتبا اياة ....لما لم يأتي ....كان عتاب المحبين ....الذي اخلف حبيبة الوعد والموعد
لم أكن ابكي عدم حضوره ....ولكنى كنت اقنع نفسي بأنة قد يكون مشغولا عنى بغيري
وأعيد حساباتي ...بما أسئت للقمر ....أجد الفراشات حولي ....بألوانها الرائعة
فأقول أرسلهم القمر لي يتأسفون عن عدم حضوره
تجدني امى غاضبا ....تسألني ما بى .....أرد بقهر القمر زعلان منى
تقول ...سيأتي بعد أيام ...وكيف عرفت امى عن صديقي ما لا اعرفه أنا
وعند تغيير اسنانى اللبنية لعبت امى معي لعبة رائعة ....كانت تحتفظ بالسن المخلوع
وتغسله وتضعه تحت وسادتي حين النوم ...وتقول سيأتي القمر في الليل ويأخذه ويترك لك هدية
أصحو من نومي عدة مرات أطالع تحت وسادتي ...حتى أجد هديتي
لم تكن الهدية تهمن بقدر ما كان يهمنى زيارة القمر لغرفتي
كبرت وقبل العاشرة من عمري تعلمت ركوب الخيل ...وظننت نفسي فارس الأحلام
وكان على ذاك الفتى الصغير يتخيل فتاة أحلامه ...التي سيخطفها على حصانة
تمنيتها كالعصفورة في خفتها ....وكروان في صوتها ...وحمامة في أنوثتها
شفاها بلون الكرز المتدلي من شجرة في حديقتنا ....وحمرة خدها كالدراق (الخوخ )....وقدها كالنجاصة ...مغرورة
كالمشمشة ....رائعة الرائحة كالجورى ....سوداء العيون كالقراصية ...لون شعرها كبذور القشدة
ما أروع الطفولة وما احلي تخيلاتها
محظوظ أنا بأنى عشت الجمال كله طفلا ....أنام على صوت بيانو امى .....وأقوم فجرا على صوت قانون أبى
واسمع هديل الحمام على شباك غرفتي ....طفولتي اختصرت الجمال بكل ما فيه
أتسلل إلى غرفة جدي اسمع ترتيل القرآن .....حفظني جدي عشرة أجزاء قبل أن أكون ابن عشرة أعوام
وكان فى بيتنا الدنيا والدين