أيها الإخوة الأحبة في الله..
أحييكم بتحية الإسلام تحية أهل الجنة، تحيتهم يوم يلقنه سلام..
فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
ثم أما بعد..
لقد جعل الله- عزّ وجل- في هذه الدنيا أشياء تسمى بالثوابت، أشياء ثابتة لا تتغير نتائجها إذا كانت المقدمات كما أخبرنا ربّنا عز وجل.
أخبرنا ربنا- عزّ وجل- فيما علمنا، أن الأصل في النار أن تُحرق، وأن الأصل في الماء أن يُغرق، وأن الأصل في الإنسان أنه إذا تعرض لشيء يتلف جسمه، فإن جسمه يتلف.
وأخبرنا وعلّمنا وتعلمنا ذلك بفطرة الله التي فطرنا عليها، أنك لو وضعت حبًا في الأرض الصالحة للزراعة، وصببت عليه ماءً،وكانت تلك الزراعة في وقتها،لأنبتت تلك الحبوب.
وهكذا..جعل الله- عزّ وجل- في الدنيا مجموعة من الثوابت التي لا تتغير ولا تتبدل.
جعل الله- عزّ وجل - سنة الكافرين في تمكّنهم في الأرض في قول الله عز وجل: {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَاأُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ}.[الأنعام: 44]
هذا بالنسبة لغير هذه الأمة من الكفار، الله – سبحانه وتعالى- أمرهم أن يؤمنوابمحمّد- صلى الله عليه وسلم- وأن يصدّقوا الرسالة، وأن يأخذوا بهذا الدّين. فلما رفضوه، فتح الله عليهم أبواب كل شيء. ولكن الله أخبرنا أنهم سيصلون إلى مرحلة يغترون فيها، يصلون إلى مرحلة يظنّون أنّهم قد تمكّنوا في الأرض،فيصابوا بشيء من الهلع والفرح، فيأتيهم البلاء من حيث لا يحتسبوا وما ذلك على الله بعسير.
وهناك تنويع في عذاب الله- عزّ وجل- للأمم السابقة، فقوم أخذهم الله- عزّ وجل- بالصيحة؛ صيحة تقطّعت لها قلوبهم وانتهوا. وقوم أخذهم الله بالريح، فأصبحوا كأنّهم أعجاز نخلٍ خاوية. وقوم أخذهم الله بالغرق وهكذا.. يسلط الله على الأمم من المصائب ما يتناسب مع وضعهم ليتحقّق قدر الله الذي هو غالب على كل شيء. فهو القادر على كل شيء.
ونحن المسلمين لنا في هذه الحياة ثوابت، إذا نحن سرنا عليها؛ الله- عز وجل - يعطينا الخير كل الخير، السعادة كل السعادة .
كل ذلك وأكثر منه مرتبط بمسألة واحدة، هذه المسألة هي: تحقيق الإيمان.. وإن شئت فقل: تحقيق التوحيد لله وحده لا شريك له .
والإيمان كما يعرفه أهل السنة والجماعة :هو قول باللسان واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة وينقصبالعصيان.
والله- عز وجل- قد ربط به النصر{وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}.[الروم: 47]
وربط به العزة{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}.[المنافقون: 8]
وربط به التّمكين في الأرض{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ}.[النور: 55]
ووعد وربط به- سبحانه وتعالى- العزّة والتّمكين والأمن النفسي والاستقرار الاجتماعي{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}.[الأنعام: 82]
وربط به تفريج الكرب{وَمَنيَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَايَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}. [الطلاق: 2،3]
وربط به أن تصبح محبوبًا. إذا ذكرت عند الناس، ذكرك الناس بخير.
هذه الأسباب كلها، مرتبطة بمسألة الإيمان..
وكل واحد منا قد يقوى إيمانه وقد يضعف، وبقدر قوة إيمانك تظهر النتائج، وبقدر ضعف الإيمان يكون الهزال، الذي يأتي معه الشيطان وتأتي معه المصائب من كل جانب.