ما إن تقترب نسائم رمضان العطرة إلا ويشعر العبد بقربه من سفينة النجاة التي ينتظرها كل عام.. يتخفف فيها من أحماله وأوزاره, يبحث له عن طوق النجاة من براثن الدنيا وأمواجها المتلاطمة, ولن نستطيع ركوب سفينة النجاة في رمضان على الحقيقة.. إلا إذا أحسنا الاستفادة من إرهاصات ومقدمات النجاة, فمن لم يحصل زادا ً طيبا ً في شعبان فقد تفوته السفينة.. أو لا يحسن الاستفادة منها على الوجه الأمثل.
لذلك فشعبان هو بوابة العبور لرمضان.. فإذا أحسنت المرور من بوابة شعبان .. أحسنت اغتنام ثمرات رمضان.
لذلك روي عن أنس بن مالك قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا دخل رجب قال: " اللهم بارك لنا في رجب وشعبان.. وبارك لنا في رمضان"والحديث ضعيف.
قال ابن رجب فيه دليل ندب الدعاء "بالبقاء إلى الأزمان الفاضلة لإدراك الأعمال الصالحة فيها .. فإن المؤمن لا يزيده عمره إلا خيرا "ً.
وقال أحمد البنا في بلوغ الأماني:دعاء النبي (صلى الله عليه وسلم(بالبركة في هذه الأشهر الثلاثة يدل على فضلها .. وفي تخصيص رمضان بالدعاء منفرداًوعدم عطفه على رجب وشعبان دلالة على زيادة فضله .
رسول الله(صلى الله عليه وسلم) يعلمنا:
فبرغم مصاعب ومشاغل الدعوة ومكانة الرسول العالية عند الله.. إلا أنه كان يتجهز لرمضان بالإكثار من الصيام في شعبان.. وتوطئة وتهيئة للنفس.. وتربية وتهذيبا ً للأخلاق.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصوم حتى نقول لا يفطر.. ويفطر حتى نقول لا يصوم.. وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان.. وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان"[رواه البخاري:1833، ومسلم: 1956].
قال ابن رجب رحمه الله:" صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم.. وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده.. وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها.. وهي تكملة لنقص الفرائض.. وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده.. فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة .. فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه ".
فهيا أخي الكريم ارجع إلى مصحفك
فهذا شهر القراء يراجعون ويستعدون
هيا قم إلى محرابك في جوف الليل
هيا أخرج زكاة مالك وصدقاتك
علم نفسك الجود قبل شهر الجود
صل رحمك بوالديك
أحسن إلى الناس .. فهذا أوان التأهب والاستعداد.. إذا أردت أن تلحق بسفينة النجاة.
فلا تضيع التهيؤ في شعبان فتحرم نفسك من منح الله في رمضان
وطوبى لمن أصلح نفسه قبل رمضان.