المشكلةالثالثة: الشعور و اللاشعور
الموضوع الأول:
نص السؤال : هل يشكل الشعور مجملالحياة النفسية عند الإنسان ؟
* الطريقة الجدليةالمقدمة: يكاد يجمع علماء النفس في تعاريفهم للشعور على انه إدراك المرء لذاته أو هو حس الفكر لأحواله وأفعاله ' الحدس معرفة مباشرة ) وعليه يكون الشعور أساس المعرفةالذاتية . ومن ثمة فهل يمكن اعتماد الإنسان على شعوره وحده في إدراك كل ما يجول فيحياته النفسية ؟ بمعنى آخر هل الشعور يصاحب كل ظواهر النفس؟التحليل:القضية الشعور يشكل مجمل الحياة النفسية ( الشعور أساسالأحوال النفسية).
الحجة: يذهب بعض الفلاسفة أصحاب النظريةالكلاسيكية ( التقليدية ) إلى أن الحياة النفسية في مجملها تقوم على
أساس الشعوروعلى رأس هؤلاء " ديكارت " الذي اتبع منهج الشك الذي يشمل كل شيء إلا البدايةالأصلية غير المشروطة في المعرفة والتي حددها ديكارت بـ" أنا أفكر إذن أنا موجود"وهو ما يعرف بالكوجيتو الديكارتي حيث سلم بوجود التفكير و بما أن الإنسان لا ينقطع عن التفكير فهو يشعر بكل ما يحدث على مستوى النفس وبما أن الشعور حدس والحدس معرفةمباشرة لا تخطئ فهو ينقل للفكر كل ما تعيشه النفس ومن ثمة لا وجود
لحياة نفسية لا شعورية لذلك يرى أن كل ما هو نفسي يرادف ما هو شعوري . وهناك آخرون ممن يرون ذلكأمثال " ستيكال " أو " ابن سينا " في الفكر الإسلامي حيث يقول : " الشعور بالذات لايتوقف أبدا " وهكذا ساد الاعتقاد قديما أن الشعور أساس الحياة النفسية.
النقد: لكن المتأمل في حياة الإنسان يكشف أنه لا يعيش كل لحظاتحياته في حالة واعية بل تصدر منه سلوكات لا يشعر بها إلا بعد فواتها أو تنبيههإليها مثل زلات القلم فلتات اللسان ... و هذا يدل على وجود حياة لاشعورية..
النقيض: الشعور لا يشكل مجمل الحياة النفسية عند الإنسان(اكتشاف اللاشعور)
الحجة: اللاشعور هو مجموعة الحوادث النفسية المكبوتة التيتؤثر في النفس دون الشعور بها ويعتبر فرويد مكتشف اللاشعور ولو أن بوادر هذاالاكتشاف كانت موجودة قبله مع " ليبتز " " 1646-1716 " الذي حاول إثبات فكرةاللاشعور بالأدلة العقلية حيث قال : " لدينا في كل لحظة عدد لا نهاية له منالادراكات التي لا تأمل فيها ولا نظر " ثم جاء دور الأطباء ومنهم " برنهايم" (1837-1919) و " شاركو " ( 1825-1913 ) من خلال معالجة مرض الهستيريا ( اضطراباتعقلية ونفسية دون وجود خلل عضوي ) و فكرة التنويم المغناطيسي الأمر الذي هدى" فرويد " وبعد وقوفه على تجارب " بروير " (1842-1925) إلى اكتشاف اللاشعور وهذا يعنيأن هناك جانبا
في حياتنا توجد فيه أسرار وعقد لا يسمع لها بالخروج في حالة شعور , ومن ثمة كشف عن نظريته في التحليل النفسي القائمة على التداعي الحر.
النقد : لكن اللاشعور حتى و إنأصبح حقيقة لا تنكر فإن الحوادث النفسية لدى الإنسان تبقى تجري في مجال الشعوربالدرجة الأولى فالإنسان يعيش معظم لحظات حياته واعيا.
التركيب : الحياة النفسية تتشكلمن الشعور و اللاشعور. من خلال ما سبق لا يمكن إهمال الجانب الشعوري لدى الإنسان ولا يمكنإنكار دور اللاشعور بعد ما تم التدليل عليه , ومن ثمة فالحياة النفسية عند الإنسانأصبحت بجانبين
شعورية و لاشعورية باعتبار أن الشعور أمر لا يمكن إنكار وجوده. ولكنه لا يصاحب جميع أفعال الإنسان و لا يوجهها دائما . ثم أن للدوافع اللاشعورية أثر بارز في توجيه سلوك الفرد. الخاتمة:إن الإنسان كائن واعي بالدرجة الأولى . وعليه فإذا كان شعور الإنسان لا يشمل كل حياتهالنفسية فما يفلت من الشعور يمكن رده إلى اللاشعور فهو في نظر فرويد مركز الثقل فيالحياة النفسية وبالتالي فالشعور يشكل جانبا من الحياة النفسية واللاشعور يشكل الجانب الآخر.
الموضوع الثاني
نص السؤال : ما الدليل على وجوداللاشعور ؟
الطريقة الاستقصائية:
المقدمة : ( الإحاطة بموضوعاللاشعور) إذا كان فرويد قد أقر فكرة وجود اللاشعور في حياة الإنسان بعد أن
كانتالفكرة مستبعدة عند علماء ما قبل العصر الحديث وأكثر من ذلك أن فرويد نقل مركزالنقل في الحياة النفسية من الشعور إلى الجهات المبهمة و اللامعقولة منها على حدتعبير " جوزيف نوتان " ( عالم نفساني معاصر ) و يقصد بذلك اللاشعور , فإذا كاناللاشعور يشكل جانبا من الحياة النفسية. فما هو الدليل على أنه حقيقة لا تنكر ؟التحليل: بيان طبيعة اللاشعور: اللاشعور هو مجموع الأحوال النفسيةالباطنية التي تؤثر على سلوك المرء وإن كانت غير مشعور بها ( جميل أصليا) ولقد تم تحديد معالم اللاشعور انطلاقا من اكتشافات (برنهايم) المتعلقة بالتنويم المغناطيسي والتي كشفت لفرويد أن العناصر الموجودة في حالة كمون ( لاشعور ) لا تبقى بالضرورةفي حالة ركود دائما , وإنما قد تؤثر في السلوك دون الشعور بها وبذلك فكك فرويدالحياة النفسية إلى شعورية و لاشعورية , ووصل إلى أن اللاشعور لا يبقى دائما مكبوتا خارج الشعور , بل جزء من شخصية الفرد وعلى أساسه يمكن فهم هذه
الشخصية.
إثبات وجدود اللاشعور: يعتبر فرويد مكتشف اللاشعور وقداستدل على وجود اللاشعور بمجموعة من الدلائل , تعرف حاليا بدلائل
وجود اللاشعورمنها: فلتان اللسان: وهي عبارة عن ألفاظ تقلت من الإنسانعن غير قصد و تعبر عن رغبة مكبوتة لديه. الأحلام: إشباع رغبات الإنسان التي لم يشبعها في الواقع فتجد في النوم فرصة مواتية لذلك .
الإبداع: ويأتي عن عمل اللاشعور بمعنى أن عناصر تخيلاتنا تتجمعفي اللاشعور وتختزن الصور المبدعة في الذهن ثم تنبثق دفعة واحدة في شكل الهام وهناكدلائل أخرى مثل : زلات القلم , الهذيان , النسيان ...الخ. قيمة اللاشعور : لقد جعل فرويدمن اللاشعور مصدرا لنشاط الإنسان و فعاليته في مختلف المجالات , وبذلك فهو يحتل مكانه أهم من الشعور في حياة الإنسان ,لكن ذلك لا ينسجم مع طبيعة الإنسان العاقل, وعلى العموم فلاكتشاف وجود اللاشعور جوانب إيجابية حيث ألقى الضوء على كثير منأسباب السلوك كانت مجهولة , وكشف عن جانب لم يكن معروفا في النفس كما له جوانبسليبة كالمبالغة في تحديد دور اللاشعور وأثره في الحياة النفسية وعدم الاهتمامبالجانب الروحي...
الخاتمة : ( بيان حقيقة اللاشعور ) إن وجود اللاشعور قائم على كثيرمن الأدلة . وهو يشير إلى منطقة من الحياة النفسية وهي المنطقة التي تجري فيهاالعمليات اللاشعورية , مثلما يشير الشعور إلى المنطقة التي تجري فيها
العملياتالنفسية الشعورية غير أن الأدلة المستمدة تحتاج إلى دعم عملي تجريبي وكمي ما دامالأمر يتعلق بنظرية علمية في علم يهدف إلى أن يكون موضوعيا وكميا مثل باقي العلومالأخرى.