• الم تتساءل سابقا كيف أعرف أن فلان طيب أو شرير؟
• كيف تختار شريك في عملك طيب أو شريكة حياتك طيبة ؟
• هل حقا لا نستطيع أن نثق إلا بأنفسنا فلا أمان للبشر ؟
• حقا من الطيب ومن الخبيث؟
لحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على محمد بن عبد الله الرسول الأمي المبعوث رحمة للعالمين .أما بعد.
أرى حولي اضطرابا عظيما في المجتمع من ناحية تعاملنا بعضنا البعض.أصبحت
الثقة في الآخر شبه معدومة .وهذا لا يتمثل في الشخص الغريب فقط بل أيضا بين
الأخ و أخيه و الأب وابنه.لا أحد يريد أن ينخرط في علاقة جادة مع آخر لأنه
لا يستطيع أن يثق به .ولأن الخيانة أصبحت سائدة بشكل كبير في مجتمعنا
المعاصر.
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم :
سيأتي
على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن
فيها الخائن، ويخون فيها الأمين،وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟
قال: الرجل التافه في أمر العامة.رواه ابن ماجه وأحمد.
لا أدري أهذه السنوات هي ما نعيشها الآن ؟
قد يحكم الناس على بعضهم البعض بجاههم و سلطانهم و أصلهم و عائلاتهم
وشهاداتهم.ولكن في هذه السنون اختلط الحابل بالنابل.فترى من هو من أسرة
نبيلة يفعل أفعال لا يفعلها إلا السفهاء .وترى من هو قائم يصلي , يكذب و
يغش ويلعن .ومن أنعم الله عليه بالشهادة العلمية العالية يتعامل كالجاهل
تماما فيحتال و ينتهز.
فكيف السبيل إلى معرفة من هو حقا أمين ومن هو حقا طيب .
الطيب و الخبيث:
ما معنى طيبا ؟
أهو الساذج الذي يغرره من حوله و يسفهون رأيه ويتخاطفونه من كل مكان؟
لا بالطبع !
الطيب هو تماما مثل الشبه الذي قاله رب العزة في محكم التنزيل عن الكلمة الطيبة:
ألم
تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء .
تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون.
الطيب كالشجرة الراسخة الثابتة العالية المثمرة .صفات تتسم بالقوة و الشموخ والنفع .
فليس الطيب هو الذي يتخبط بين جدران الحياة و يتعثر في أحجارها بل هو من
خبرها و خبر شرها قبل خيرها و أراد أن يكون هو الخير وليس الشر .قد افترى
المجتمع كذبا عندما يروا الساذج طيبا .ولكن نرى من يحب الخير للناس ويريد
أن يساعدهم و لكنه يتعرض بسلوكه هذا إلى سخرية البعض و تحايل البعض الآخر
عليه .فهل هذا طيبا ؟
بالطبع هو كذلك و لكن السؤال الأكبر و الأهم هل سيستمر على نفعه للناس أم
سيتمرد على نفسه وينقلب إلى شخص يستغل الآخرين و يقتل الطيبة داخلهم .فهذا
هو الابتلاء الطبيعي لكل من فيه خير.
والخبيث:
ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار.
بالطبع هو من لا نفع منه وكل خبيث موعده الهلاك بعد ان أمهله المولى أجله ليغير من نفسه .
فكيف نحظى بالطيبين و الطيبات ؟
إبدأ بنفسك:
إذا أردت أن تحظى بالطيبين في تعاملاتك كن طيبا في البداية . أأنت مقتنع بأن معظم أمورنا مسيرة من قبل مولاك ؟
سأضرب لك مثلا ...مقابلتك لشخص كنت تعرفه منذ عشر سنوات في مصر مثلا ثم
سافرت إلى مكة لتؤدي الحج فتجده هناك دون ملايين من البشر في نفس
التوقيت.من قدر هذا اللقاء ؟
أتعلم مقدار فرصة أن تلاقي شخصا بعينه بين ملايين الأشخاص في مكان قد تمكث فيه لدقائق ....سبحان من بيده ملكوت كل شيء.
أقصد بهذا المثال أنك عندما تتعرف على شخص جديد ,تدبيرهذا اللقاء بيد مولاك رب العباد .
يقول المولى عز وجل :
الخبيثات للخبيثين و الخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين و الطيبون للطيبات.
ويقول المصطفي عليه أفضل الصلاة والسلام :
الأرواح جنود مجندة ما تعرف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
كونك طيبا فيقدر لك الرحمن ملاقاة الطيبين .ويجعل قلبك لا يرتاح إلا لهم و لا تتقارب إلا معهم .
فهل هذا يعني أنك لن تصادف شخصا خبيثا أو تتقابل معأحدهم يوما ما لو أصبحت كذلك ؟
ننتقل لإجابة هذا السؤال إلى شق الإيمان .
إذا صدق إيمانك بربك وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره فينطبق عليك قول النبي المصطفى :
المؤمن كيس فطن
فعندئذ يكون لديك الكياسة والفطانة للتعامل مع هذا الشخص ومعرفة طبيعته الحقة .
علامات :
للشخص الخبيث علامات عدة يمكنك معرفته بها من الوهلة الأولى دون الحاجة إلى الانخراط في علاقة لتيبين لك طبيعته :
1-ذكر الله :
يقول العلي القدير في محكم التنزيل :
إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون
وفي المقابل يقول العزيز الحكيم :
وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون
وأيضا
وإذا
تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون
بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين
كفروا وبئس المصير
كما ترى في الآيات أنه عندما تتحدث مع الشخص المقابل عن رب العباد وآياته
وحبك له وارتباطك به وكل ما يتعلق به إما أن تجد في هذا الشخص وجل القلب
والسكون والطمأنينة .أو على النقيض ترى العداوة و الضجر والإشمئزاز و
السخرية.
2-الهجوم المباشر :
يتحدث رب العباد عن آيات المنافق فيقول :
إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون
بالرغم من حلاوة الشكل والمنطق ولكن تبقى النقطة التي تبين حقيقتهم وهي
أنهم مجوفون من الداخل .غير واثقين من هذا الكلام الذي يقولونه .فتحت أي
هجوم أو نقد مباشر عليهم يرد عليك بمنتهى العنف و الشدة كأنك عدوه .ويزول
ثوب الوقار الذي كان يضعه .
3-صلاة الاستخارة
والله إن رب العباد أنعم علينا حقا بهذه الصلاة .فعندما تعجز عن اتخاذ
القرار ,و كلنا عاجزون في الواقع ,تدع القرار لمن بيده ملكوت السماوات
والأرض ليختار لك .فيدفع عنك الإرتباط بهذا الشخص إن كان شرا أو يسهله إن
كان خيرا .
وذلك لحديث جابر بن عبدالله :
كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما
يعلمنا السورة من القرآن، يقول: "إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير
الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من
فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب،
اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري -أو
قال: عاجل أمري وآجله- فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم
أن هذا الأمر شر لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري -أو قال: عاجل أمري
وآجله- فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به".
وقال: "ويسمي حاجته"
زادنا الله علما وعملا يرضيه عنا ووفقنا الله جميعا لما فيه رضاه عنا والله من وراء القصد.