يحكى من زمان أن هناك ثعلباً ذميم لئيماً ماكراً يدعى " جرنوب" يعيش في غابة كثيفة الأشجار، استدعى في أحد الأيام صديقه " جبرون " الذئب المخادع، الذي يعيش في الصحراء القاحلة القريبة من الغابة .
كان هذا الذئب شرساً و غداراً تعجبه نفسه كثيراً ، و تخافه الحيوانات الأخرى و تهابه .
اجتمع الثعلب " جرنوب" بعدد من حيوانات الغابة و قال لهم : لقد حل علينا صديقي الذئب " جبرون " ضيفا ، و قد أتانا من منطقة بعيدة و عليكم أن ترحبوا به و تكرمونه !
وافقت الحيوانات كلها ، رغم شعورهم بالخوف من هذا الضيف الثقيل . و مرت الأيام و لاحظ جميع الحيوانات تصرف الذئب الذي لا يليق بغابتهم الهادئة فقرروا التخلص منه .
فذهب القرد للثعلب و قال له :- أيها الثعلب ، يا سيدي ، إنك مسكين ، ضيفك يريد بك شراً
ومصمم على التنكيل بك و خداعك !
قال : ماذا ، و لكني شديد الحذر منه
رد عليه القرد : إنه يريد بك غدراً ، أنا مثلاً لا أخافه ، فهو غير قادر على الإمساك بي ، لأنه لا يستطيع تسلق الأشجار ، أحياناً أضحك عليه عندما يحاول تسلق الشجرة ! ، إنه غبي يثير السخرية و هو يتظاهر بأنه أقوى منك ، وقال لي أن الثعلب دعاني في ضيافته ولم يقدم لي أكلا و لا شرابا
غضب الثعلب من كلام القرد و قال : سأتظاهر أمامه بأني مريض ، وسأطلب منك استدعاء طبيب الغابة الماعز " كرنوب " و بدوره يطلب جلب حشائش من الصحراء كي أستعملها كدواء لأشفى من المرض فهل تساعدني أيها القرد؟
رد عليه القرد ضاحكاً : هذه فكرة جيدة ، وأنا على استعداد لمدك يد المساعدة ، ولكن يجب أن نرتب الأمور مع صديقنا الماعز" كرنوب " .
ذهب القرد إلى التيس و هو ذكر العنز " الماعز" كرنوب و هو حيوان يتميز بخفة الحركة و الذكاء ليمثل دور الطبيب . وعرض عليه الفكرة فقبل مسروراً وقال : آن الأوان لنتخلص من هذا الذئب اللعين ...
عاد الذئب إلى بيت صديقه الثعلب " جرنوب" فاندهش لما وجده على الفراش مريضاً وبعض الحيوانات بجانبه فسألهم : ما الذي يجري ؟ هل صديقي الثعلب مريض ؟
قالوا له : نعم ،إنه مريض جداً ، و قد استدعينا له طبيب الغابة الماعز" كرنوب" ..
في الأثناء كان الثعلب الماكر "جرنوب " يئن من شدة الألم و يصيح ...
و كان القرد "سرون " يمسح من حين لآخر جبينه بقطعة من القماش المبلولة بالماء البارد ، أما ضيفه الذئب "جبرون" فقد كان يراقب المشهد بكل حذر ولا يقول شيئاً .
و فجأة وصل طبيب الغابة الماعز "كرنوب " وأخذ يفحص الثعلب " جرنوب " فحصاً دقيقاً ، وفي حيلة للتخلص من الذئب الشرس " جبرون" وبعد فترة من الصمت و قف الماعز الطبيب وقال :- إن حالة صديقكم الثعلب "جرنوب" تسوء وتزداد سوءا و لكي يشفى لابد من جلب حشائش " التجرنوع" لنتمكن من مداواته و إنقاذ حياته ....
سأل القرد "سرون" الطبيب الماعز و قال له :- و لكن من أين سنأتي بهذه الحشائش ، أهي موجودة عندنا في الغابة ؟
رد عليه الطبيب قائلا : للأسف أيها القرد ، لا يوجد مثل هذا النوع من الحشائش في غابتنا !
ولكنها قد تكون موجودة في مناطق قاحلة كالصحراء القريبة من غابتنا ...
هنا وقف الذئب " جبرون" وقال مبتسماً : يمكنني أن أجلب لكم هذه الحشائش ، فهي موجودة بكثرة في الصحراء التي أعيش فيها ، لكن بشرط أن يفحصني الطبيب الماعز عند عودتي ..
رد عليه الماعز :- قبلت شرطك وسأفحصك مجاناً .
فرح الذئب ، لأن الماعز قبل الشرط ، لأنه تصور عندما يعود بالحشائش المزعومة ، يجد الماعز بانتظاره ليفترسه ، وهكذا نجحت الخطة وانطلت الحيلة على الذئب المخادع "جبرون "، وذهب كالجبان ليجلب للثعلب الحشائش من الصحراء .
ومرت أيام و أيام و لم يعد ، لأنه لم يجد هذا النوع من الحشائش وكل الذئاب ضحكت عليه في الصحراء و قالوا له إن حيوانات الغابة خدعوك أيها الجبان و عرفوا كيف يتخلصون منك كضيف ثقيل . فاشتد غضبه و قرر عدم العودة إلى غابة الثعلب "جرنوب " و بقي يفكر ويراجع علاقته به ، لأنه فهم أن صديقه الثعلب أمكر منه و هو مَن فكر في أن يخدعه عندما كان ضيفا عنده ...
و هكذا يا أصدقائي الصغار تبين من القصة أن طريق الخداع مآله الفشل وأن لا شيء يمكن للمرء الحصول عليه عن طريق التحيل أو الخداع ....