لما اكتملت عدة أشهره أشرقت الأقطار بالأنوار المحمدية و نشرت له في جوانب الأرض الأعلام و لما جاء شهر ربيع الأول الذي فتح الله فيه أبواب العطية و طلعت فيه شموس الايمان و فتحت كنوز الانعام و حضرت ليلة مولده المنيرة القمرية و اشتد بامنة الطلق بلا وجع و بلا اسقام .
و كانت السيدة و حيدة في منزلها فدخلت عليها النسوة الحورية و معهن اسية امرأة فرعون و مريم بنت عمران فبدأنها بالتحية و السلام و أقبلت حواء في جماعة و جاءت سارة الخليلية و هن يهنئنها بأحسن تهنئة لأجل اغتنام
و فتحت أبواب السماء و نزلت الملائكة الروحانية و أقبل الأمين جبريل في كبكبة من الملائكة و بيده ثلاث أعلام و دقت طبول الأفراح في السموات و الأرض و عبقت روائح الطيب بين الوالم الجبروتية و تعطر الملأ الأعلى بعنبر لحظات أوقاته العظام
و تلألأت الكائنات بطوالعه السعودية و افتخرت الخلائق بقدومه و العرب و الأعجام و عكفت على بيت امنة طيور مناقيرها من الزمرد الأخضر و أجنحتها من اليواقيت الجوهريةو تدلت الكواكب من السماوات و أقبل الى بيت امنة الغمام و رأت رجالا و قفوا في الهواء بأيديهم أباريق من فضة بالسلاسل الذهبية فيها ماء من السلسبيل فشربت فزال ما بها من الالام
و لم تزل السيدة تشاهد من غرائب معجزاته أمورا نورانية و من عجيب اياته ما لا تحيط به العقول و الافهام و ذلك في ليلة الاثنين من بعد العشاء الى طلوع اللمعة الفجرية فأخذها المخاض ووضعته صلى الله عليه و سلم نورا يتلألأ كالبدر ليلة التمام
و يجب علينا القيام عند ذكر مولده الشريف تعظيما لقدوم ذاته البهية فيا سعادة من وقف تعظيما له على الأقدام و
و لما بدا من بطن أمه كاشمس البهية سقط على يد أم عبد الرحمان ابن عوف أحد البررة الكرام فسجد لمولاه على الأرض و أومأ بطرفه الى السماء العلية و في ذلك الرفع اشارة الى علو قدره و المقام . ثم عطس فقال الحمد لله بفصيح العربية فقالت له الملائكة يرحمك ربك يا خير الأنام
ثم غشيته سحابة من نور فأخذته الملائكة فغيبته عن أمه ساعة زمنية و طافو به جميع الكائنات فعرفه أهل السموات و الأرضيينو كل منهم في محبته هام ثم ردته الملائكة الى أمه و هو ملفوف في ثياب خضر سندسية و ملك يقول يا عز الدنيا و يا شرف الاخرة من قال بمقالتك و شهد بشهادتك حشر تحت لوائك يوم الزحام وولد نبينا صلى الله عليه و سلم ظريفا مختونا مسرورا مكحول العينين بكحل العناية الربانية كامل الجمال مستورا بالهيبة و الجلال التام متخلقا بأخلاق الأنبياء من فصاحة و فطانة و سخاوة ندية و قوة و شجاعة و عفة و سماحة و حسن قوام
عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليمات
اللهم عطر قبره بالتعظيم و التحية و اغفر لنا ذنوبنا و الأثام