أجسام تخترق كبد السماء بسرعة مذهلة... عيون تذرف الدموع دونها البحار محتشمة خجلة. سمعت أنينها.... أكلتْ قطعة من كبدي إنها هي .. لا ريب إنها هي.أمي الراحلة.... أخطأ علماء الحساب والهندسة في تقديراتهم وفي تصاميمهم لحيز قلبي فوضعوه في مزبلة.... وقد دار بيني وبينهم جدال قلت لهم: واحد ناقص واحد حاصلهما لا يزيد عن اثنين... قالوا: ما بك يا مسكين...؟ قلت: واحد في واحد على شكل واحد هما اثنان... قالوا: الآن تأكدنا أنك من المجانين... فلت: إن كنت كذلك فأنتم من علموني أن واحدا على واحد هو واحد قالوا: هذا علمنا وأبحاثنا ألا ترى وتشاهد؟ قلت : بلى أرى بأعينكم هذا, أما ببصيرتي فالله أحد أنسيتم قوله تقدست أسماؤه(( قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم)). إذا كان هذا من عقولكم وتبارزتم فيه لما تهينون الإماء ؟أم أنكم ممن يتنفسون تحت الماء اخترقت صفوفهم دون مبالاة لأنهم ليسوا أهلا للعلم ولا للحوارات.. سويت سرج فرسي و شددت جيدا خيط مشربي بعد ما تفقدت زادي ... وكان طريقي لا زال طويلا.. وأنا على الطريق أكابد حرارة الشمس وأمسح حبات العرق وأطفئ لهب كبدي بقطرات من ماء أمي توقف فرسي وأحجم ... ما به هو الآخر..؟ لا بد من أمر جلل أحبسه .. نعم نبأ عظيم ...أمي تستغيث.. تصرخ وتتألم ..تناجي ..تنادي ..إنها وحيدة هناك ..لا سند ولا عضد لا أحد اليوم في باديتي ..كلهم هاجروا واستحبوا العيش في بذخ ولهو البلد. حركت اللجام وشددته إلي شدا .. مسحت على عنق فرسي .. خلته ينظر إلي وأمواج على أمواج تغشي عينيه ..نزلت من على صهوته ..قدته بلطف إلى ظل نخلة وحيدة يتيمة هي بين النخيل- وصفا وجوهرا وطعما -..خلدت للنوم .. ازدادت حدة رفسه وزفراته ..أوجست خيفة منه ومن وراء ما وراء ما يخفيه صهيله بدأت أتلو شيئا من القرآن ...أليس القرآن كلام الرحمن..؟ أليس الكلام صفة المتكلم صفة الله يصف ذاته الكريمة....؟ -/من أنت أيها الغريب..؟ -/ أنا الفارس الملثم وهذا فرسي هو مني قريب -/ أراك تحسن تصريف الكلام -/ وهل فيما ذكرتُه لُبْس يا سيد المقام؟ -/ لا.... حديثك مهذب ولكن اسمك أغرب؟ -/ حقيقة سيدي , فوالداي سمياني بغيره , ولما كبُرتُ وكبُرت شقاوتي معي غيرته من غير حكم -/ وبه سميت ونعت نفسك ؟ -/ أجل لأظهر وأتظاهر وأغرر وأجر -/ صدقت ولكن... -/ دون لكن لست الوحيد الذي يحمل هذا الاسم , ولكن وحيد في هذه البراري والقفار أنشد هدفا أراه تسرب بين ليل ونهار -/ وما ذاك الذي تصره..؟ -/ هذا...؟ إيــــــــــــــــــــه.... -/ نعم ما هو؟ ما بك؟ -/ إنها بذور الربيع هي صالحة لكل زمان ومكان تنتظر إذن الرحمن -/ ما أنت فاعل بها...؟ -/ أغرسها.. -/ أفي هذه السباخ..؟ وبين طبقات الأملاح ...؟ -/ لا... هنا أشار إشارة إلى موطن قلبه. -/ أتنوي أن يطول بك العمر فتأكل من ثمرها ..؟ -/ نعم وبحول الله , أليس الله على كل شيئ قدير...؟ -/ بلى. إنه لكذلك -/ هيا أكمل سؤلك ودعني لأستريح...؟ المصدر: حديثك مهذب لكن اسمك أغرب