العبث بالعقول جريمة ضد الإنسانية.. وهي نوع من الإبادة الصامتة.. التي تقتل بغير ضجيج.. تتلاشى الضحية وهي لا تزال حية.. قد تعيش مائة عام دون أن تدري أنها ميتة.. وفي أحسن الظروف.. دون أن تدرك سببا لعيشها.
يمكن أن تعبث بجيوب الناس.. وقد تسلبهم ما يملكون.. وتلك ليست نهاية العالم.. لكن أن تلعب بوعي أمة.. فتلك جريمة أخطر من الخيانة العظمى.. لأنها الخيانة الأعظم على الإطلاق.
المدرسة والجامعة.. مكانان حساسان جدا.. هما بمثابة موقع اختبار نووي.. لا شيء فيه يُترك للصدفة أو للحمقى.. فالجميع متيقظون.. والأيدي على القلوب.. والحسابات في منتهى الدقة.. وأجهزة الاستشعار تتحسس أدنى الحركات.. والأقمار الاصطناعية تفتح عيونها.. ثم تأتي اللحظة الحاسمة.. أليست التربية أخطر من النووي ؟
***
تقرير منظمة الشفافية الدولية حول "الفساد في قطاع التربية" في العالم.. يضع الجزائر في البؤرة مرة أخرى.. إذ يورد - بناء على العينات التي اختبرها - أن 19 % من ذوي الصلة بالقطاع يتعاطون الرشوة.. بطريقة أو بأخرى .. وهذه النسبة تعد بالمقاييس العالمية كبيرة جدا.
طبعا يحصي التقرير.. أشكال ومنافد هذه الرشوة.. ابتداء من صفقات التجهيز والتموين.. مرورا بـ (اختلاس الأموال المخصصَة لاقتناء الكتب واللوازم والتجهيزات المدرسيَة).. وانتهاء بـ(سعي السلطات السياسية إلى التأثير على نشاط البحث العلمي واستغلاله في تحقيق أهدافها غير العلمية).