هل تجدون أحدا يتنبأ بما سيحدث في الماضي؟ الصحيفة الأمريكية "نيويورك تايمز" تفعل ذلك.. وتتنبأ بأن عددا من البلدان العربية ستتجزأ في المستقبل.. فبدل اثنين وعشرين بلدا تعج بهم الجامعة العربية حاليا.. ويتعاركون فيها لأتفه الأسباب.. ويكيدون لبعضهم البعض ليل نهار.. ويبيعون تحت الطاولة.. ويبكون على حال الوحدة العربية فوقها.. سنستيقظ على أربعين أو خمسين بلدا.. لكل واحد منها شعب وعلم وجواز سفر.. وديمقراطية من آخر طراز.. وحقول نفط.. وقواعد عسكرية أمريكية.
الدراسة الاستشرافية أحصت خمسة بلدان هي "سوريا والعراق وليبيا والمملكة العربية السعودية واليمن".. معرضة أكثر من غيرها للانفجار والانشطار.. وقالت إنها لن تصمد طويلا.. وصمتت عن أخرى.. لسبب ما.. لم تتحدث عن مصر مثلا.. التي يدق الجنرال السيسي إسفينه في جثتها.. ونسيت السودان الغارق في تفاصيله العرقية.. كشأن بني الأحمر.. لكنه ذكر السعودية.. وأشار إلى أن الأمراء المتشاكسين فيها.. سيقطعون جسدها النفطي إربا إربا.. وسيهرب كل أمير بما أخذ.
***
أتدرون لماذا يتحدث الأمريكان عن الماضي بصيغة المستقبل؟ بكل بساطة.. ليصرفوا نظرنا عن الحاضر.. هم يمارسون معنا لعبة الإلهاء.. يقولون لنا.. ستتجزؤون في المستقبل.. لنعتقد أننا متماسكون في الحاضر.. والحاصل أن في أحشاء كل بلد عربي.. أجنة دول لا تحصى.. ليس بالضرورة أن تكون دولا بأسماء مختلفة.. وحكام مختلفين.. بل كل ما في الأمر أن لأصحاب النفوذ فيها دولهم.. وللأحزاب والنقابات والجمعيات دولها.. ولوسائل الإعلام وجماعات المال والمهربين واليائسين والمجانين وما لا يحصى من المواطنين دولهم أيضا.. أي إننا بحساب بسيط.. ألف دولة في دولة.. والعاقبة للنبوءة القادمة.