كل الذين وُلدوا في 5 أكتوبر 1988.. يكونون في مثل هذا اليوم.. قد أكملوا ربع قرن.. من العيش في أحضان حلم.. حُكم عليه بالموت.. بمجرد أن نزل إلى الأرض.. انقضوا عليه بشراسة.. فخنقوه وأخفوا جثته.
الذين رأوا النور في هذا اليوم.. كانوا أول جيل.. وُلد في أحضان أول ربيع عربي.. اخترق حصن ديكتاتوريات بائسة.. ليضيء فجأة في ظلام ليل عربي دامس.. يعج بالشياطين ومصاصي الدماء.. للأسف لم تهرب الشياطين.. ولم يختف مصاصو الدماء.. لأن شيئا ما.. أو حادثا غير متوقع.. أطفأ الشعلة.. ليعود الليل أشد مما كان.. وأسمينا ذلك.. المأساة الوطنية.
***
دون أن يفترض أحد.. كيف وقع الخامس أكتوبر.. ومن كان وراء تلك الأحداث.. فقد خرج جزائريون إلى الشارع.. بشعارات غير مألوفة.. وأفكار جديدة.. أسقطوا ممنوعات الحزب الواحد.. وفرضوا على السلطة الحاكمة.. أن تستمع لهم.. خارج أروقتها المحروسة.. أتذكر كيف اهتزت أركان النظام آنذاك.. وكيف اكتشف الجزائريون لأول مرة.. إمكانية العيش بأسلوب مختلف.. وبمنسوب حرية غير معهود.. وبأحلام وأماني تجاوزت كل التقديرات.
***
نتساءل اليوم: ماذا بقي من 5 أكتوبر؟ بحساب المطالب المرفوعة آنذاك.. حدث تغير طفيف.. يمكن أن أدعي أنه تغير سطحي.. تركوك تتكلم وتكتب وتصرخ.. منحوك فرصة إنشاء حزب سياسي.. أو أية جمعية أخرى.. أن تضع ورقة انتخابية في صندوق شفاف إن شئت.. لكنهم أحاطوك بأسلاك سياسية شائكة.. وإشارات حمراء.. تردعك وتقيد حركتك.. وتبقيك بعيدا عن المكان الذي لا يريدونك الوصول إليه.. وبمعايير دولة المواطن.. لا نزال حيث نحن.. أعتقد في 5 أكتوبر 1988