على مر التاريخ تبين ان الدبلوماسية والمظاهر الحضارية للعلاقات بين الدول ماهي الا اقنعة زائفة تفرضها ضرورة تبادل المصالح المشتركة وقت السلم وان الامم القوية التي تجد نفسها قادرة على تحقيق مكاسب على حساب الامم الاخرى سرعانما تتخلى عن تلك الاقنعة وتتكلم بلغة مكشوفة سافرة تفرض توجهاتها وفق منطق الحق للقوة ولا تتقاعس في ايجاد الذرائع لغزو الامم الضعيفة واستعبادها وسلب اراضيها وثرواتها حتى لو كانت ذرائع تافهة
وفي المقابل نجد ان الامم الضعيفة عسكريا يكون ضعفها العسكري في العادة امتدادا للضعف في شتى المناحي الاخرى عدا في حالات استثنائية كانت فيها امم مزدهرة حضاريا وغير قوية عسكريا ( مسالمة ) وفي كل الاحوال فالضعف العسكري لامة تقع عليها مطامع الاعداء ينم عن خلل خطير في القيادة التي لم تحسن اعداد الامة للدفاع عن نفسها ومتكسباتها
وحيث ان التاريخ يبين كذلك ان الامم المتعرضة للغزو العسكري ليست امما بدون جيوش وان لديها جيوشا منظمة فشلت في الدفاع عنها بحجة عدم تكافؤ موازين القوى يتبين ان الاداء الدفاعي لتلك الجيوش شابته اخطاء كثيرة كان تفاديها يمكن ان يؤدي الى افشال عملية الغزو العسكري او على الاقل تقليص سقف اهدافه والوصول الى طاولة المفاوضات
الاخطاء العسكرية الاستراتيجية الشائعة التي ترتكبها جيوش الدول المتعرضة للغزو وقيادتها :
1- تقديم تنازلات عسكرية على امل تجنب الغزو :
كالمطالبة بهدم التحصينات وتسليم المدافع وتفكيك البطاريات الساحلية وتسليم منظومات سلاح معينة .. ومن المدهش ان تلك المطالب لاقت قبولا في الكثير من الحالات ولم يمنع ذلك الغزو العسكري فكل ما يمكن ان يوصف به التجاوب الايجابي مع تلك المطالب هو الحماقة العسكرية حيث ان العدو لم يحشد جيوشا جرارة من اجل خلاف بسيط حول قضايا عسكرية بسيطة لا تشكل ادنى تهديد لامنه القومي كطلب البحرية البريطانية من الجيش المصري تفكيك البطاريات الساحلية لانها تهدد البوارج الانجليزية ( وكان البوارج الانجليزية على السواحل المصرية ليست هي من يهدد مصر !!!!!! )
2- عدم مقاومة الانزال البحري :
ان عدم مقاومة عملية الانزال البحري اثناء حدوثها بحجة التفوق الناري الكاسح للعدو هو خطأ عسكري واستراتيجي فادح حيث يؤدي الى سير الغزو حسب مخططه تماما دون عرقلة اضافة للروح المعنوية العالية للعدو نتيجة عدمملاقاته لاية مقاومة وهو يدخل اراضي الدولة التي يقوم بغزوها بالاضافة لتمكنه من انشاء موطئ قدم قوي يصعب بعد ذلك طرده مابالك من طرف جيش ضعيف ولهذا يجب على الاقل ترك قوة دفاعية قليلة للمناوشة وتكبيد العدو للخسائر وهو في مرحلة الانزال حيث قواته في اضعف حالاتها معرضة للنيران ثم القيام بهجوم مضاد رئيسي كفيل بطرد العدو او تكبيده خسائر فادحة وارباك خططه
3- الهجوم المضاد المتاخر :
بعد ان ينزل العدو ويثبت موطئ قدم ويتقدم يجيئ الهجوم المضاد ليسحق بفعل تفوق الغزاة في كمية ونوعية العتاد بعد فتح التشكيلات وانتشارهم واستعدادهم القتالي الهجومي
4- تركيز الدفاع على العاصمة :
الدفاع على العاصمة يبدا من اول شبر يقطعه العدو في اراضينا وليس تركه يتقدم ويحتل والاسلحة والوحدات النوعية كلها مكدسة في العاصمة ثم بعد ذلك يتم محاصرتها واحتلالها او تدميرها بعد السيطرة على مختلف الاهداف الهامة خارج العاصمة
5- انتهاج اساليب عسكرية تقليدية بحتة :
فائدة حرب العصابات وخطورتها على خطوط الامداد لا تخفى على قائد عسكري ولهذا يجب على الجيوش الضعيفة تشكيل وحدات حرب عصابات تعمل في عمق الاراضي الواقعة تحت سيطرة العدو وضرب خطوط امداده واهدافه الهامة باستمرار ما يؤدي الى عرقلة خطط التقدم وتكبد خسائر جسيمة والاضطرار الى صرف موارد عسكرية كبير في التامين
6- عدم فتح مخازن السلاح امام المتطوعين :
لاسباب غير مفهومة لا يتم فتح مخازن السلاح امام تسليح المتطوعين حيث يتميز المتطوع عن الجندي النظامي بالحماسة والحافز العالي ورغم عدم انضباطهم الا انه يمكن الزج بهم في مواقف قتالية لا يمكن الزج بالوحدات النظامية فيها
7- عدم رفع مستوى الجاهزية القتالية للوحدات :
وهي نقطة تشبه النقطة الاولى ربما في محاولة لتجنب استفزاز العدو عسكريا ولكن العدو الغازي لن يشن غزوه العسكري لمجرداستفزاز بل لتحقيق اهداف بهذه الحجة او بتلك ولو حتى بحادثة مفتعلة ولهذا لا يجب التردد عن رفع كفاءة وجاهزية مختلف الوحدات القتالية تدريبيا ومعنويا وفنيا