بسم الله الرحمن الرحيم
انظر في جميع الاتجاهات حولك، وأمعن النظر في كل ملةٍ تعتقد في إلوهية أي معبود سوى الله تعالى؛ مهما كان عدد أتباعها قليلاً أو كثيراً!!
فإنك لن تجد سوى صنفين لا ثالث لهما من هذه الآلهة المزعومة!! :
الصنف الأول : ما ألبسه أتباعه هالة من الأوهام!!
والغريب أنه قد يكون الذي ألبسوه تلك الهالة (رسولاً أو نبياً) كنبي الله عيسى أو عزيراً (عليهما السلام) ممن أذعن بنفسه بالعبودية والتوحيد الخالص لله رب العالمين، وتبرأ تماماً من ادعاء أي نوع من أنواع الألوهية، غير أن الشيطان أضل أتباعه، وأغواهم إلى الاعتقاد في ألوهيته غصباً!! لتبقى الحقيقة في نهاية المطاف أنه عبد مخلوق من مخلوقات الله، وأمره كله بيد الله وحده . .
وبالتالي تبقى الحقيقة أنه ليس بإله!!
وهذا المثال يندرج تحته أيضاً كل من توهم له الناس كرامة؛ أو عملاً خارقاً؛ نسجه البعض من وحي الخيال، فتوارثها الأجيال، وصنعوا منه في مخيلاتهم إلهاً معبوداً، وهو في حقيقة الأمر ليس سوى مخلوقاً عادياً من مخلوقات الله، ولم يكتسب بما اعتقد فيه الناس – سواءً برغبته أو بدونها - ما يزيد عن كونه مخلوقاً فقيراً ضعيفاً من مخلوقات الله . .
وبالتالي تبقى الحقيقة أنه ليس بإله!!
والثاني : متوهم للألوهية بددت حقيقة فنائه ما كان من أوهام!!
ومثال ذلك فرعون والنمرود، ومن تبعهم من الطواغيت والجبابرة الذين خدعهم ملكهم وسلطانهم، وأغراهم ما كان من نفاق حاشيتهم، فتوهموا الألوهية أو أي صفة من صفاتها!!
كالأمر والنهي، والتشريع أو التقنين، أو إضفوا على أنفسهم بعض الألقاب التي لا تليق إلا بالله، حتى ءهمجا سيف الموت لينتزعهم نزعاً من سلطانهم!! فتبددت هيبتهم، وسقطت عنهم هالتهم، وقبرهم الفناء مع ألقابهم في أعماق مزبلة التأريخ!!
وهنا يصرخ الواقع بقوة في وجدان كل مخلوق في هذا الكون أنه :
لا إله إلا الله
حيث لا يوجد أصلاً من يخلق إلا الله!! ولا من يرزق إلا الله!! ولا من يحيي إلا الله!! ولا من يميت إلا الله!! ولا من يبعث ويحاسب إلا الله!! وهذا معناه أنه قد آن لهذه الكلمة ألا تكون مجرد شهادة نتلفظها بألسنتنا!! وإنما يجب أن تتأصل معها الكثير من معاني التوحيد الحقيقي الصادق النقي في قلوبنا!!
فهي تعني أنه لا سلطان لأحدٍ في هذا الكون مطلقاً إلا لله!!
وتعني أنه لا إله مطلقاً في هذا الكون أصلاً إلا إلهاً واحداً (هو الله)!!
وتعني أن أمورنا كلها تبدأ وتنتهي تحت إرادة كاملة ومطلقة (من الله)!!
وتعني أننا مراقبون في جميع حركاتنا وسكناتنا، ممن سيكون إليه مرجعنا (وهو الله)!!
وتعني أنه لابد للقلب أن يملأ جوانبه بمصدر ثقته وأمانه الوحيد (وهو الله)!!
وتعني أن كل ما في هذا الكون من أقدار سبق علمها (عند الله)!!
وتعني أن القوة والغلبة في نهاية المطاف (بيد الله)!!
فمن تأصل التوحيد في قلبه :
عاش في ملك من يملكه ويملك أمره كله مرتبطاً بمنهجه ووحيه!!
ونظر إلى العالم من حوله نظرة الخليفة الذي أوجب الله عليه إقامة حكمه على ظهره!!
وأشفق على ملايين البشر الحائرة من حوله في متاهات الضلال والأوهام بعيداً عن رحاب الله، وبذل كل ما في وسعه لدعوتهم إلى الله!!
وراقب الله في سره وعلانيته؛ تحسباً لذلك اليوم الذي سيقف فيه وحيداً للسؤال بين يدي ربه!!
إنه التوحيد الحقيقي الذي أراده الله لنا بمعانيه الواقعية التي ينبغي أن تنعكس عملياً على تصرفاتنا، بل وفي كل شؤون حياتنا، لنحيا به، ونموت عليه، ونبعث عليه إن شاء الله فيدخلنا الله الجنة برحمته!!
فهل فهمت معي أخي الحبيب واقع كلمة التوحيد . . .
لا إله إلا الله؟