أوراق الربيــــــــــــــع
أجبت فورا دون تردد ولا تمحيص عن سؤال ما كان ليطرح لولا فصل الربيع.
متى أينعت...؟ متى اخضر ت أوراقها...؟ متى يؤتى أكلها....؟
كل من كان حاضرا في ساحة الشد والمد اشرأب عنقه, وزاغ بصره, وتاه لبه, وجف ريقه......
لا أقدر أن أحدد الفترة الزمنية التي هجرني فيها الكل , لأني في نظرهم مختل..
رضيت بنتائج مخضهم ومخاضهم كرها , حيث أني لا املك البديل حتى حل سيد الفصول , وقد تكرم جودا ومثلني نيابة عن شيخوختي التي ما برحت توخز كبدي بسريان سم الأقربين وقال:
أي نعم صدق فيما قال فؤاد الذي أمثله
الكل صامت ذلة , فالمتكلم لا يرد له أو عليه
ستون عربة محملة بأدران المجتمع ..جرها... قادها.. حملها... , وها أنتم اليوم ترفضونه وتنعتوه بأبخس الصفات ...بئس الحكم الذي عليه حكمتموه.....
ألم يحمل عنكم أوساخ ألسنتكم طيلة هذه السنوات . ؟ وبعد أن اشتد عضدكم أنكرتموه ثم أخيرا اتهمتموه
ألم يقبر سوء أفعالكم وأقوالكم حين كان من كان منكم هناك وراء البحر .....؟
ألم يستر عنكم خزائن فحشكم وقبحكم بلسان عقيم..؟
ألم يؤثر على نفسه وقت أن كنتم تعمهون وتهيمون في أزقة الغرب بنشوة وطرب.... ؟ وكان يسقي سواقيكم , ويحفظ حرثكم بدمه ودموعه وعرقه .......؟
وحين قال لكم: أوراق الربيع لا تلمسوها بأيديكم القذرة النجسة............
وحين قال لكم: لا تقربوا بذور الربيع فهي حصتي ونصيبي ....؟
وقفتم له بالمرصاد وبدا لكم أنه مختل معتوه ...ألا فأنتم حقا السفهاء......؟
بني اسمع مني هذا الذي قيل ولا تعجل...؟: إذا آلمك كلام البشر فلا تؤلم نفسك أنت أيضا بكثرة التفكير
فلا تعط الأمر أكثر من حقه....؟.
وجلس الهمام جلسة القرفصاء , ثم ادخل يده في جيبه واخرج حبات تمر يلمع لونها ويظهر جليا لبها
ثم اعتدل في جلسته وأحاط الحاضرين كلهم بنظرة – ربه ثم هو يعلم سرها – وطال مكوثه زمنا غير معدود ثم لف جسده بأطراف برنوسه ..قام من جلسته.. أرخى رباط فرس كان بجانبه وقال:
امتط يا بني صهوة فرسك ؟ وأعلو بهمتك ؟ ولا تنس مرابض الأسود ؟ وما أظنها إلا على مرمى حجر منك
بل هي قاب قوسين أو أدنى ..
بني أعلم أنك صافي الفؤاد.. سليم القلب.. نقي السريرة... صادق النية فتوكل وأعقل؟ ولا تتعجل..؟
سيبزغ النور من لدن من هو نور ...تريث واحسب واحتسب..؟ اصبر وصابر ورابط...؟ وعن قريب سترى صدق كلامي بإذن مدبر ومدير رب الكون والسلام عليك بني ما دمت تذكر الله فهو معينك ..