الملك .. أبي كرب أسعد الكامل..
موطد الإمبراطورية السبئية
تاريخ الملك السبئي أبي كرب أسعد الكامل ملك أركان الأرض الأربعة .. كتاب
ينطلق فيه مؤلفه الدكتور المهندس صالح السحيقي لتتبع قصة هذا الملك السبئي
البارز مبهوراً به ومنساقاً خلف أخباره .. اعتمد في رحلته الموغلة في تاريخ
هذا الرمز التاريخي على أكثر من ثمانية وعشرين مرجعاً وكتاباً من الإكليل
للحسن الهمداني وحتى المفصل في تاريخ العرب للدكتور جواد علي ليخرج إلينا
بخلاصة شافية عن اسعد الكامل حيث يؤكد المؤلف بان شخصية الملك أبي كرب اسعد
كان لها تأثيرها القوي عند العرب التي أجمعت على انه الملك الجامع والكامل
الذي دان بدين التوحيد " ذي سموي" ونشر تعاليمه وعاصر وجود الديانة
اليهودية في ذلك الحين , ويؤكد بأنه لم يعتنق اليهودية مستدلاً بشهادة كثير
من المؤرخين والوقائع التاريخية المدونة في النقوش "الاسعدية" الحميرية ..
موضحاً بان هناك نوعاً من الخلط بينه وبين احد الزعامات السبئية وهو " ذرا
أمر حسان أو عمرو حسان" الذي اعتنق اليهودية والتقى بأحبار اليهود في قصة
مشابهة للقاء أسعد الكامل بالحبرين اليهوديين في مدينة يثرب..
ويرى الدكتور السحيقي بان الكثير من الحقائق التاريخية المرتبطة بمسير حياة
اسعد الكامل أوضحت بأنه كان مؤمناً فقط بديانة التوحيد (( ذي سماوي)) كما
ورد في النصوص والنقوش المسنودة إلى عهده وعهد ابنه حسان وشرحبيل وفي تبيان
سبب دراسته يؤكد السحيقي بان الملك أبي كرب أسعد واحد من الملوك السبئيين
الذين فتحوا البلدان والأمصار ووطنوا فيها القبائل العربية حتى سيطرت على
تلك البلدان وكونت فيها دويلات وإمارات خاصة بها في فترات زمنية لاحقة
امتدت حتى وقتنا الحاضر , وبهذا استحق هذا الملك العظيم ان يحظى بدراسة
شاملة تقتضي سير حياته بأسلوب سردي مرتب..
وفي استعراض درامي كان مسرحه: قصر الملك "ثاران يهنعم" في الزمان السبئي
(473) الذي يوافق"735" ق.م في مدينة مأرب احتشد الاقيال والأذواء حول فراش
الملك ثاران يهنعم الذي اشتد عليه المرض ليفارق الحياة ويتولى بعده
"مكليكرب" الحكم الذي عزل فيما بعد عندما ركن إلى الدعة والهدوء وترك إطراف
الدولة السبئية للطامعين كما يشير بذلك مؤلف الكتاب ليأتي بعده الملك ياسر
يهنعم قدر له يقود الجيوش ويقصد الآشوريين والحاق الهزائم بهم , حتى واصل
مسيره باتجاه بابل وأشور وأعاد حكم بابل للكلدانيين بعد أن هزم جيش
الآشوريين .. وبعد ان استقر له الامر تحرك بجيوشه إلى اعالى جبال القفقاس
وياقوتيا، ثم عاد إلى أشور, لينطلق مجدداً إلى بلاد الشام ومصر هذه الغزوات
والحروب التي قادها ياسر يهنعم استمرت أربعة عشرة سنة وقد توفي الملك ياسر
ودفن في بابل .. تبعه ابنه ثاران الذي توفي بعد سنتين في مارب اعقبهما في
الملك "كرب إيل" الذي ثارت عليه القبائل .
وقد تمكن المؤلف من حشد المعلومات حول الاقبال والصراع على الحكم وعلى
تصوير حالة الاضطراب الذي ساد في أوساط النخب الحاكمة السبئية لينقل إلى
القارئ صورة مقربة عن الفترة التي سبقت ظهور الملك اسعد الكامل.
وأورد ما حفظته الذاكرة التاريخية والمرويات حول اسعد وصعوبة وشدة الظروف
التي أحاطت بمولده وطفولته وأسهب في ذكر تفاصيل وحكايات حول مولد وطفولة
اسعد وما شهده وهو طفل من أهوال جعلته في مرمى المهلكات .. إلى ان شب.
وبحسب المؤلف ان سبأ عند تبدأ تضعف هيبتها وتتدهور أوضاع الناس , يتصدر لها
ثائر سبئي ليلتقط الراية .. وهذا ما حدث عندما تصدر اسعد لقيادة ثورة في
مدينة ظفار ضد "كرب إبل وتار".
واستدل الدكتور السحيقي بما ذكره بيوتروفسكي حول النشاط الذي قاده اسعد
عندما بدأ يخطب في الناس ويثير الحماس في أنفسهم طالباً منهم جمع ما
يستطيعون من الرجال والعتاد للحرب وعهد إلى قادة ميدانيين بتجميع الرجال
والعتاد في معسكرات للتدريب وبعدها انتقل داخل الأقاليم الأخرى والى جانبه
القادة أمثال "ذي الكلاع, وذورعين , وذي ظليم"
وهكذا حقق أسعد استراتيجية في السيطرة على معظم مناطق اليمن حتى وصل إلى حضرموت وعاصمتها شبوه ومنها نشر تعاليم دين التوحيد.
وفرغ الملك اسعد الكامل لتجهيز الجيوش لتأمين طرق التجارة واكتسح بابل وأشور ومصر وبلاد الشام والمغرب ..
مما أسهم في توطين القبائل العربية السبئية ,وأمنت تلك الفتوحات طرق
التجارة ومرور القوافل وأعطى للإمبراطورية السبئية فرصة جديدة لبسط نفوذها
على أقاليم واسعة خارج اليمن والجزيرة العربية
ويعطيكم العافيه