اليمن الكبرى، أو اليمن
التاريخية : هي تلك الأرض الواقعة جنوب/ جنوب شرق/ جنوب غرب الجزيرة
العربية، تمتد من الطائف وتخوم مكة شمالاً، إلى عدن في أقصى الجنوب، إلى
باب المندب غرباً، إلى مضيق هرمز شرقاً، إلى تخوم كاظمة (الكويت حالياً) في
الشمال الشرقي. وللإيجاز سنحاول توضيح بعض الأمور المهمة في تاريخ اليمن،
الأمور التاريخية والأمور الدينية بشكل نقاط كما يلي :
• اليمن سميت اليمن بهذا
الاسم لعدة أسباب: وجد في الكتابات السبأية القديمة ذكر اليمن بلفظ
(يمنات)، وكذلك لأنها بلاد اليُمن والبركة، أي بلاد الخير الكثير الذي
لاينقطع، وأيضاً بلاد البركة لأنها اشتهرت بإنتاج جميع المواد التي تستخدم
في الطقوس الدينية القديمة مثل البخور واللبان … وغيرها قبل وبعد بناء
الكعبة المشرفة، وأضيف سبب آخر هو وقوعها يمين الكعبة المشرفة.
• ذكرت اليمن في الكثير من
الكتب القديمة والتاريخية، منها التوراة، وكتب التاريخ الإغريقي، والروماني
….الخ ووصفت باليمن السعيد، و لم توصف أي أرض في الدنيا بهذا الوصف غيرها،
لتمتعها بوفرة في المياه والخضرة ، ولطبيعتها الخلابة، ولأرضها الخصبة
التي باركها الله ، ولأنها أرض لمعظم الأنبياء، وأنصار الأنبياء ، ولتعدد
حضاراتها المهمة في تاريخ البشرية ، ولدورها وبيوتها وقصورها الفخمة،
ولجسارة وقوة شعبها الذي صنع من الجبال قصوراً شامخاً، ومدرجات زراعية في
قمم الجبال الشاهقة.
• تعتبر اليمن – بحسب الكتب
التاريخية المختلفة، وبحسب ما توصل له العلم مؤخراً – الموطن الأول للجنس
البشري على الأرض، ونقطة التجمع والانطلاق الأولى للهجرات البشرية .
• تعتبر اليمن أرض العرب
الأولى ، والشعب اليمني هو أصل الجنس العربي، واليمنيون هم أول من تكلم
باللسان العربي، فقبائل اليمن الشهيرة ( عاد، وثمود، وطسم، و جديس، وجرهم،
والعمالقة، و أُميم .. وغيرها) هي قبائل العرب القديمة التي انتشرت في
الجزيرة العربية، والعراق، والشام، ومصر، وشمال إفريقيا، والقرن الأفريقي
…وغيرها وظهر منها العرب العاربة قبائل قحطان والعرب ( المستعربة ) قبائل
عدنان ، ومن يعتقد أن عدنان مستعرب فهو خاطئ لأن عدنان يعود إلى قبائل
العرب القديمة التي قدمت من اليمن، لذلك فإن عدنان عربي يمني، وبالتالي فإن
نبي الله إبراهيم عليه السلام عربي وليس أعجمي، وبالتالي فإن الرسول محمد
عليه الصلاة والسلام عربياً وليس له أي أصل أعجمي ، بعكس ما قاله عدد من
المؤرخين الذين نسبوا الرسول لنبي الله إبراهيم الذي وصفوه بالأعجمي.
• الفينيقيون) قوم هاجروا من
أرض اليمن تجاه الشمال، وسكنوا في لبنان ونشأ منهم الشعب الشهير
(الفينيقيون) وأنشئوا الحضا! رة الفينيقية، وكذلك هاجرت قبائل اليمن إلى
مصر وسكنت على ضفاف النيل وأنشأت ماسمي بالحضارة الفرعونية الغنية عن
التعريف ، وهناك العديد من الكتابات والكتب التاريخية التي أوضحت أصول شعب
مصر القديم وأنها بلا شك تعود إلى اليمن ومنها : الكتاب «جغرافية التوراة
في جزيرة الفراعنة» للباحث في علم الآثار/ أحمد عيد، الذي قدم له الأستاذ
الدكتور/ أحمد الصاوي عالم الآثار المصري والأستاذ بكلية الآثار جامعة
القاهرة، وطبع لأول مرة في فبراير عام 1996م عن مركز المحروسة للبحوث
والتدريب والنشر بالقاهرة ، حيث أعاد الكاتب أصل الفراعنة إلى قبيلة
العماليق التي هاجرت من اليمن إلى الشام ومن ثم هاجر بعضهم إلى وادي النيل
وسكنوا مصر ، وأشارت كتب أخرى أن الهجرة اليمنية لمصر مرت عبر الحبشة وليس
الشام، وخلاصة ما نشر في هذا الموضوع أن لقب (فرعون) أصله باللغة العربية
السبأية القديمة هو (فرعوم) وأن الهكسوس الذين حكموا مصر فترات طويلة قدموا
كذلك من اليمن، وسموا الملوك الرعاة، وأن الحضارة المصرية لا تنفصل عن
بيئتها المحيطة المكونة من مجموعة من القبائل اليمنية التي سكنت وادي النيل
والصحراء الليبية الكبرى وشمال أفريق! يا وموريتانيا.
• قبيلة جرهم اليمنية الشهيرة
هي أول من سكن! بأرض مكة، وهي من آوت إليها نبي الله إسماعيل عليه السلام،
وأمه هاجر ، و من نسلها جاءت قريش، وهم من بنا الكعبة مع أنبياء الله
إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، وتزوج نبي الله إسماعيل من بناتها ،
ومن ذريتهما جاء نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام، لذلك يقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم ( أهل اليمن هم مني وأنا منهم ) وغيرها الكثير من
الأقوال المأثورة عن الرسول التي يشير فيها إلى علاقته بأهل اليمن
• ذكرت اليمن في القرآن،
وحملت سورتين من سور القرآن أسماء مناطق فيها (سبأ، الأحقاف ) سبأ امتدت من
مأرب شمالاً إلى شبوة شرقاً، والأحقاف في حضرموت شرقاً، ووصف الله اليمن
بأنها ( جنة، وبلدة طيبة ) ولم يطلق على أي أرض هذا الوصف في القرآن غير
اليمن.
• ملوك اليمن أول من لبس
التيجان، ومن أشهر ملوكهم: الملكة بلقيس زوجة نبي الله سليمان التي ورد
ذكرها في القرآن في سورة سبأ، و الملك الصعب بن ذي مرائد بن الحارث الرائش
بن حمير بن سبأ الملقب بذي القرنين، لأن تاجه كان له طرفان كالقرنين، وهو
الذي ذكر في سورة الكهف قي قصته مع قوم يأجوج ومأجوج ( كما جاء في ابن كثير
والمقريزي وبن هشام والطبري .. وغيرهم الكثير ) والملك كرب أسعد أو أسعد
الكامل هو أول من آمن بنبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام من قبل أن
يولد وهو أول من كسا الكعبة، وأمر ولاته بمكة من جرهم بكسائها كل عام،
وأمرهم بتطهيرها وألا يقربوها دماً ، ولا ميتة ولا المحايض وجعل لها باباً
ومفتاحاً، ويعتبر من أعظم ملوك اليمن، وقد قال عن نفسه في قصيدة شهيرة : قد
دعتني نفسي لأن انطح الصين بخيلٍ أقودها من ظفار، ولنا فيلق صعب القياد
عرندسُ ، ثمانون الفاً راكبا غير راجل، نلت بلاد المشرقين كلها، ونلت بلاد
المغربين وبابلاً، ونلت بلاد السند والهند كلها! وفي الصين صيدنا نقيباً
وعاملاً . وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن الملك تُبع (لا تسبوا
تُبعاً فإنه كان قد أسلم)
• ذكر القرآن العديد من القصص
، نالت أرض اليمن ورجال اليمن نصيباً كبيراً منها ، ومن تلك القصص: قصة
أصحاب الجنة، قصة أصحاب الأخدود، إرم ذات العماد، قصة نبي الله سليمان عليه
السلام وملكة سبأ، قصة السيل العرم، قصة ذو القرنين، قصة الفيل وأبرهه
ومحاولة هدم الكعبة … وغيرها
• يوجد في اليمن عدد من قبور
الأنبياء الذي يعتقد عدد من الباحثين اليمنيين والعرب حقيقتها ومنهم عليهم
السلام: الأنبياء نوح وأيوب وهود وصالح وشعيب.
• سميت القارة الأفريقية بهذا
الاسم نسبة إلى الملك اليمني الحميري: افريقس بن أبرهة بن حارث بن حمير بن
سبأ، الذي غزا إفريقيا وصال وجال فيها وملك مناطق كبيرة منها.
اليمن وأهلها في القرآن والسنة الشريفة:
إن من منن الله الجزيلة
وعطاياه العظيمة على أهل اليمن أن أكرمهم بفضائل ليست لغيرهم، وشرفهم الله
تعالى بأن جعل قيام الدولة الإسلامية في أرضهم ( وذلك عندما قامت وتأسست في
يثرب {المدينة المنورة} وعلى أيدي رجالها الأوس والخزرج القبائل اليمنية
الشهيرة (الأنصار).
لقد جاء في فضل اليمن وأهل
اليمن آيات وأحاديث لم تجتمع لغيرهم. وظهرت من أهل اليمن معادن الرجال
القوية في إيمانها، المخلصة في وجهتها، المتأسية في سيرها بالمصطفى صلى
الله عليه وسلم.
فكان منهم الحكماء والعلماء
والبلغاء، وكان منهم القادة والفاتحون والزعماء والإداريون والأبطال، وكان
منهم الولاة، ونذكر فيما يلي شيئاً من فضائلهم الواردة في القرآن الكريم
والسنة النبوية المطهرة.
فضائل اليمن وأهلها في القرآن الكريم:
* اليمن بلدة طيبة:
- قال الله سبحانه وتعالى:
[لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ
وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ
طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ] {سبأ:(15)
قال العلامة الفضيل الورتلاني
رحمه الله في تفسير هذه الآية (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ): “ومن ميزات كلام الله
الخلود والإعجاز، وحظ التذكير لنا في هذه الآية أنه من ناحية الخلود يؤخذ
أن طيبة هذا البلد أمر مستمر إلى يوم القيامة، ومن ناحية الإعجاز يؤخذ من
كلمة (طَيِّبَةٌ): عدم قدرة أحد من الخلق أن يصفها بكلمة واحدة مثلها، مع
شمولها لكل ما تنطوي عليه من خيرات نافعة” (1)
* يحبهم ويحبونه:
قال الله سبحانه وتعالى: [يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ
فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ
عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي
سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ
يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ] {المائدة: (54)
- ورد في سبب نزول هذه الآية عن عياض الأشعري رضي الله عنه قال:
«لما نزلت هذه الآية [يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ
فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ
عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي
سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ
يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ] {المائدة: 54} أومأ رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي موسى الأشعري بشيء كان معه، فقال: هم قوم
هذا».
. أخرجه الحاكم (2/ 313)،
وابن أبي شيبة في مسنده (12 /125)، وابن جرير في تفسيره (12193)، والطبراني
في الكبير (17/371 )، وصححه الألباني في الصحيحة (3368).
قال الإمام الشوكاني رحمه الله:
”إذا عرفت أن هذه الآية نازلة فيهم بهذه الأحاديث فاعلم أنها قد اشتملت على مناقب لأهل اليمن.
الأولى منها:
اختصاص أهل اليمن بهذه الميزة
العظيمة؛ وهي أن الله سبحانه وتعالى يأتي بهم عند ارتداد غيرهم من قبائل
العرب التي هي ساكنة في هذه الجزيرة على اختلاف أنواعها وتباين صفاتها، فإن
ذلك لا يكون إلا لمزيد شرفهم، وأنهم حزب الله عند خروج غيرهم من هذا
الدين.
المنقبة الثانية:
قوله عز وجل: (يُحِبُّهُمْ
وَيُحِبُّونَهُ) فليس بعد هذه الكرامة والتشريف من الله سبحانه شيء، فإن من
أحبه الله قد سعد سعادة لا يماثله سعد، وشرف شرفاً لا يقاس به شرف، وفاز
فوزاً لا يعادله فوز، وأكرم كرامة لا تساويها كرامة.
المنقبة الثالثة:
قوله: (وَيُحِبُّونَهُ): وهذه
كرامة جليلة، ومنقبة جميلة، فإن كون العبد الحقير محباً لربه -عز وجل- هي
الغاية القصوى في الإيمان الذي هو سبب الفوز بالنعيم الدائم، وسبب النجاة
من العذاب الأليم، ومن عظم محبة الله -عز وجل- ودلائل صحتها: اتباع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله، والاقتداء به، والاهتداء بهديه
الشريف.
قال الله عز وجل: [قُلْ إِنْ
كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ..] {آل
عمران: 31} فمن أحب الله واتبع رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فاز بحب بالله
-عز وجل- له، وبمحو ذنوبه وارتفاع درجته بين عباد الله المؤمنين.
المنقبة الرابعة:
قوله: (أَذِلَّةٍ عَلَى
المُؤْمِنِينَ) {المائدة: 54} فإن الذلة لأهل الإيمان من أشرف خصال
المؤمنين، وأعظم مناقبهم، وهو التواضع الذي يحمده الله -عز وجل-، ويرفع
لصاحبه الدرجات، وفي ذلك الخلوص من معرة كثيرة من خصال الشر، التي من
جملتها الكبر والعجب.
المنقبة الخامسة:
قوله -عز وجل-: (أَعِزَّةٍ
عَلَى الكَافِرِينَ) {المائدة: 54} فإن ذلك هو أثر الصلابة في الدين
والتشدد في القيام به، والكراهة لأعدائه، والغلظة على الخارجين عنه.
المنقبة السادسة:
قوله سبحانه وتعالى:
(يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) {المائدة: 54} فإن الجهاد هو رأس
الواجبات الشرعية، وبه يقوم عماد الدين، ويرتفع شأنه، وتتسع دائرة الإسلام،
وتتقاصر جوانب الكفر، ويهدم أركانه.
المنقبة السابعة:
قوله -عز وجل-: (وَلَا
يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ) {المائدة: 54} وهذا هو شأن الإخلاص والقيام
لله -عز وجل-، وعدم المبالاة بما يخالف الحق، ويباين الدين.
وجاء بالنكرة في سياق النفي، فيشمل كل لائمة تصدر من أي لائم كان، سواء كان جليلاً أو حقيراً، قريباً أو بعيداً.
وما أدل هذه المنقبة على قيامهم في كل أمر بمعروف أو نهي عن منكر، القيام الذي لا تطاوله الجبال، ولا تروعه الأهوال.
ولما جمع الله -عز وجل- لهم
هذه المناقب في هذه الآية الشريفة نبههم على عظيم العطية، وجليل الإحسان
فقال: (ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ) {المائدة: 54}.
ففيه تلميح إلى أنه قد جمع
لهم من فضله ما لم يتفضل به على غيرهم من عباده، وكأن ذلك كالجواب على من
رام أن يحصل له ما حصل لهم من هذه المناقب العظيمة أو نافسهم فيها، أو
حسدهم عليها”.اهـ . باختصار يسير القول الحسن في فضائل أهل اليمن للشوكاني
(صـ33- صـ40).
* اليمانيون يدخلون في دين الله أفواجا:
قال الله -سبحانه وتعالى-:
[إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ(1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ
فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا(2) ] {النَّصر)
ورد في سبب هذه السورة عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال: « لما نزلت: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ
وَالفَتْحُ)؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاكم أهل اليمن هم أرق
قلوباً، الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية » صحيح: أخرجه عبد
الرزاق في تفسيره (2/404)، وأحمد في المسند (7709) من طريق عبد الرزاق
أيضاً، وصححه الألباني في الصحيحة (3369).
فضائل اليمن وأهلها في السنة النبوية المطهرة:
* الإيمان يمان:
عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أتاكم أهل اليمن، أرق أفئدة،
وألين قلوباً، الإيمان يمان والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب
الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم » متفق عليه رواه البخاري في صحيحه
(4388)، ومسلم (52).
قال البغوي رحمه الله في شرح السنة (14/201، 202): “هذا ثناء على أهل اليمن لإسراعهم إلى الإيمان وحسن قبولهم إياه”.
* أهل اليمن يشربون من حوض النبي عليه الصلاة والسلام قبل غيرهم:
عن ثوبان رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إني لبعقر حوضي -أي: بمكان، وهو موقف
الإبل من الحوض إذا وردته- أذود الناس لأهل اليمن، أضرب بعصاي حتى يرفض
-أي: يسيل- عليهم. فسئل عن عرضه، فقال: من مقامي إلى عُمان، وسئل عن شرابه
فقال: أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، يغت فيه ميزابان، يمدانه من
الجنة، أحدهما من ذهب، والآخر من ورق» رواه مسلم (3301).
قال النووي رحمه الله: “هذه
كرامة لأهل اليمن في تقديمهم في الشرب منه؛ مجازاة لهم بحسن صنيعهم،
وتقدمهم في الإسلام، والأنصار من اليمن، فيدفع غيرهم حتى يشربوا كما دفعوا
في الدنيا عن النبي صلى الله عليه وسلم أعداءه والمكروهات” شرح النووي على
مسلم (15/62،63). عند شرحه لحديث رقم (3301).
* اللهم أقبل بقلوبهم:
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه،
أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر قبل اليمن فقال: «اللهم أقبل بقلوبهم،
وبارك لنا في صاعنا ومدنا» صحيح: أخرجه الترمذي (4210). وقال الألباني في
تخريج أحاديث المشكاة (6263): حسن صحيح، وانظر: صحيح الترمذي (3086).
* أبشروا يا أهل اليمن:
عن عمران بن حصين قال: «إني
عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه قوم من بني تميم فقال: اقبلوا البشرى
يا بني تميم. قالوا: بشرتنا فأعطنا، فدخل ناس من أهل اليمن فقال: اقبلوا
البشرى يا أهل اليمن، إذ لم يقبلها بنو تميم. قالوا: قبلنا جئناك لنتفقه في
الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان؟ قال: كان الله ولم يكن شيء قبله،
وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء، ثم
أتاني رجل فقال: يا عمران، أدرك ناقتك فقد ذهبت فانطلقت أطلبها، فإذا
السراب ينقطع دونها، وايم الله لوددت أنها قد ذهبت ولم أقم» رواه البخاري
(7418).
ففي هذا الحديث يتجلى فضل أهل
اليمن في قبولهم البشرى وحرصهم على الفقه في الدين، يتضح ذلك من قولهم بعد
قبولهم البشرى: «جئناك لنتفقه في الدين»، فلم يطلبوا شيئاً من أمور
الدنيا، ولم يطلبوا العطاء، إنما طلبوا منه الفقه والعلم، فأي فضل أعظم من
الفقه في الدين، وأي فضل ناله أهل اليمن.
* اللهم بارك لنا في يمننا:
عن عبد الله بن عمر رضي الله
عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم
بارك لنا في يمننا، قالوا: ونجدنا، قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم
بارك لنا في يمننا، قالوا: يا رسول الله! وفي نجدنا، فأظنه قال في الثالثة:
هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان» رواه البخاري (1037).
وفي الحديث إثبات فضل اليمن، فهي مباركة بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك الشام.
* جيش الإسلام:
عن أبي أمامة رضي الله عنه
قال: قال رسول بالله صلى الله عليه وسلم: «إن الله استقبل بي الشام، وولي
ظهري اليمن، وقال لي: يا محمد، إني جعلت لك ما تجاهك غنيمة ورزقاً وما خلف
ظهرك مدداً» صحيح: أخرجه الطبراني في الكبير (7642)، وصححه الألباني في
صحيح الجامع (1716).
وهذا الحديث علم من أعلام
النبوة، فقد انطلق أهل اليمن لفتح الفتوح، وكان منهم القادة في كثير من
المعارك التي خاضها المسلمون ضد أعدائهم من الكفار، ووطئت أقدامهم فارس
والروم، ووصلوا المغرب الأقصى، وبلاد السند، وجنوب فرنسا، ومن له أدنى
إلمام بالتاريخ يعرف ما لأهل اليمن من ماضٍ عريق في الدفاع عن الإسلام
والمسلمين.
يمانيــون غـير أنا حفـاة قد روينا الأمجاد جيلاً فجيلا قد وطئنا تيجان كسرى وقيصر جدنا صاحب الحضارات حمير
* أهل اليمن خيار من في الأرض:
عن جبير بن مطعم رضي الله عنه
قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق بين مكة والمدينة، فقال:
يوشك أن يطلع عليكم أهل اليمن، كأنهم السحاب، هم خيار من في الأرض، فقال
رجل من الأنصار: ولا نحن يا رسول الله؟ فسكت. قال: ولا نحن يا رسول الله؟
فسكت. قال: ولا نحن يا رسول الله؟ فقال في الثالثة كلمة ضعيفة: إلا أنتم»
حسن: أخرجه البخاري في التاريخ (2/ 272)، والبزار (3428)، وابن أبي شيبة
(12/ 183)، وأحمد في المسند (16724)، وأبو يعلى (7401)، والطبراني (1549)،
والبيهقي في دلائل
النبوة (5/ 353)، وصححه الألباني في الصحيحة (3437).
* تحقرون أعمالكم مع أعمالهم:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه سيأتي قوم تحقرون أعمالكم
إلى أعمالهم، قلنا: يا رسول الله، أقريش؟ قال: لا، ولكن أهل اليمن» صحيح:
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 216).
* أهل اليمن أرق أفئدة:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهل اليمن أرق أفئدة وألين
قلوباً» صحيح: أخرجه أحمد في المسند (4/232)، وابن أبي عاصم في الآحاد
والمثاني (4/257).
* تنفيس كرب المسلمين إنما يكون بأهل اليمن:
عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إن الإيمان يمان، والحكمة
يمانية، وأجد نفس ربكم من قبل اليمن» صحيح: أخرجه الإمام أحمد (2/541)
(10978)، والطبراني في مسند الشاميين (1083).
ففي هذا الحديث شرف عظيم لأهل
اليمن، وأي شرف وهو علم من أعلام النبوة، فأهل اليمن هم من هبوا من
البراري والقفار والجبال، وركبوا المهالك والأخطار، وأنزلوا بأسهم بالكفار،
وفتحوا الأمصار، فبهم نفس الله عن المؤمنين الكربات.
والحديث ليس من أحاديث
الصفات؛ فيمر على ظاهره، والنفس فيه اسم مصدر نفس ينفس تنفيساً، مثل: فرج
يفرج تفريجاً وفرجاً، وهكذا قال أهل اللغة كما في (النهاية)، و(القاموس)،
و(مقاييس اللغة).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله: “فقوله: «من اليمن» يبين مقصود الحديث؛ فإنه ليس لليمن اختصاص
بصفات الله تعالى حتى يظن ذلك، ولكن منها جاء الذين يحبهم ويحبونه، الذين
قال فيهم: [مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ
بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ] {المائدة: 54}.
وقد روي أنه لما نزلت هذه
الآية؛ سئل عن هؤلاء؟ فذكر أنهم قوم أبي موسى الأشعري. وجاءت الأحاديث
الصحيحة، مثل قوله: «أتاكم أهل اليمن، أرق قلوباً، وألين أفئدة، الإيمان
يمان، والحكمة يمانية».
وهؤلاء هم الذين قاتلوا أهل الردة، وفتحوا الأمصار، فبهم نفس الرحمن عن المؤمنين الكربات”. الفتاوى لابن تيمية (6/397- 398).
أي أنه كلما ضاق الأمر بالمسلمين يأتي أهل اليمن ليذودوا عن حياض المسلمين وينفسوا كرباتهم وينتصروا لله وللمسلمين.
* حسبكم أهل اليمن وليكم الله ورسوله:
عن فيروز الديلمي رضي الله
عنه قال: «إنهم أسلموا فيمن أسلم، فبعثوا وفدهم إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، نحن من قد عرفت، وجئنا من حيث قد علمت،
وأسلمنا فمن ولينا؟ قال: الله ورسوله. قالوا: حسبنا رضينا» صحيح: رواه
الإمام أحمد (18200)، وأخرجه أبو يعلى (12/203).
* أهل اليمن أهل شريعة وأمانة وقضاء:
عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الملك في قريش، والقضاء في
الأنصار، والأذان في الحبشة، والشرعة في اليمن، والأمانة في الأزد» صحيح:
أخرجه أحمد (8761)، وأخرجه الترمذي (3936)، دون قوله: “والشرعة في اليمن”
وصححه الألباني في الصحيحة (108)).
* الحكمة يمانية:
عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الفخر والخيلاء في الفدادين
أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم، والإيمان يمان، والحكمة يمانية» رواه
البخاري (3499).
* إنهم مني وأنا منهم:
عن عتبة بن عبد رضي الله عنه:
«أن رجلاً قال: يا رسول الله! العن أهل اليمن، فإنهم شديد بأسهم، كثير
عددهم، حصينة حصونهم. فقال: لا، ثم لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم
الأعجميين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مروا بكم يسوقون
نساءهم، يحملون أبناءهم على عواتقهم، فإنهم مني وأنا منهم» حسن: أخرجه أحمد
في المسند (17647)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2280)، والطبراني
في الكبير(17/304).
* الإيمان هاهنا:
عن أبي مسعود رضي الله عنه
قال: «أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال: الإيمان
يمان هاهنا، ألا إن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل
حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر» رواه البخاري (3302).
قال ابن حجر رحمه الله: ”
قوله: أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال: «الإيمان»:
فيه تعقيب على من زعم أن المراد بقوله: «يمان»: الأنصار، لكون أصلهم من أهل
اليمن؛ لأن في إشارته إلى جهة اليمن ما يدل على أن المراد به: أهلها حينئذ
لا الذين كان أصلهم منها، وسبب الثناء على أهل اليمن: إسراعهم إلى الإيمان
وقبولهم، وقد تقدم قبولهم البشرى حين لم تقبلها بنو تميم”