أثار ملف الجزائري كمال بوشنتوف خلال مواجهة تمت أول أمس ودامت أكثـر من ثماني ساعات في الغرفة الرابعة عشرة بمحكمة الاستئناف بباريس، الكثير من الجدل على خلفية اتهامات أطلقها ضد المخابرات الفرنسية، ويروي فيها قصة كاملة للتعاون معها من أجل اختراق تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. ويكشف بوشنتوف، الذي كان يشتغل سائق شاحنة لنقل السلع، أنه ''كان ضحية مديرية مراقبة الإقليم'' التي ورطته، على حد تعبيره، وتسببت في ضياع مستقبله. وقال إن الأخيرة استغلته وعملت على تجنيده من أجل اختراق تنظيم القاعدة في الجزائر، وأنه وجد مصيره بالسجن بعد أن ''اكتشف اللعبة'' المتمثلة في العمل لصالح المخابرات الفرنسية لدى ''تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي''، واصفا العديد من المجندين من أمثاله بأنهم ''ضحايا'' بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأنهم يدفعون اليوم أخطاء ''أجبروا على ارتكابها''.
ويصف كمال بوشنتوف نفسه (35 سنة) بأنه جزائري الأصل فرنسي المولد والجنسية، ولد في ضاحية سان مارتان، زار الجزائر لأول مرة عام 1986 ''لكني سرعان ما رجعت أدراجي بسبب الظروف التي كانت تعاني منها الجزائر على الصعيدين السياسي والاقتصادي''، ومنذ تلك الفترة ''وضعتني مديرية مراقبة الإقليم تحت المجهر، حيث كنت أشعر بأنني مراقب من قبل شخص يدعى ''ألكس''، وأن السبب الرئيسي في مراقبتي هو ترددي المستمر على أحد المساجد الذي كان يخطب فيه أحد الإسلاميين المتطرفين والمناهضين للنظام الجزائري والمناوئين للعلمانية في مدينة نانسي الفرنسية''. وقال بوشنتوف، الذي سيفصل القضاء الفرنسي في ملفه في 22 جانفي المقبل، إنه ''التقى بعناصر من مديرية مراقبة الإقليم أكثـر من 200 مرة في ظرف ست سنوات''. وأشار أن تلك اللقاءات كانت في مقابل ''التجسس على الجماعات الإسلامية في الجزائر''، مقابل وعد له بأن يساعدوه على رؤية ابنته (التي أخذتها طليقته الفرنسية بعيدا عنه).
ولأن الضغوطات الفرنسية كانت كبيرة، قرر ''كمال بوشنتوف'' الهرب من فرنسا نحو بريطانيا، ليكتشف أن مصالح الأمن البريطانية تراقبه (بعد أن تلقت مذكرة من نظيرتها الفرنسية)، فقرر أن يهرب من جديد نحو لبنان عام 2003 ليعود إلى فرنسا ثانية. وحسبه، فقد طالبته مديرية مراقبة الإقليم بالرجوع إلى بريطانيا لمراقبة الإسلاميين القاطنين هناك، كما عرضت عليه نفس المديرية رحلة إلى العراق وإلى قطاع غزة عام 2005، وأنه سافر إلى لوكسمبورغ بحثا عن ''إمام مسجد بوسني لأجل اختراق المسلمين البوسنيين في تلك المدينة''. وقال إن المطلوب منه كان محاورة صلاح قاسمي، مسؤول اللجنة الإعلامية في قاعدة بلاد المغرب الإسلامي. وحمل بوشنتوف، في تلك المواقع للأنترنت، كنية ''الأخ أبو زهرة من فرنسا''.
ويصف بوشنتوف اعتقاله في ماي 2007 أنه يشبه ''أفلام الرعب''، حيث اقتحم عناصر من شرطة التدخل الخاصة شقته و''أوقفوني بتهمة التحريض على ارتكاب اعتداءات إرهابية داخل التراب الفرنسي.